الذي يأتيه البر والفاجر كما صرحت بذلك السيدة عائشة (رضي الله عنها) التي كانت بلا شك تمثل نظريات الحزب الحاكم (1). وهي التي فتحت للأهواء والأطماع السياسية ميدانها الواسع، فتولدت الأحزاب وتناحرت السياسات وتفرق المسلمون وانقسموا شر انقسام (2) ذهب بكيانهم الجبار ومجدهم في التاريخ.
وماذا ظنك بهذه الأمة التي أنشأت في ربع قرن المملكة الأولى في أرجاء العالم بسبب ان زعيم المعارضة للحكومة في ذلك الحين - أعني عليا - لم يتخذ للمعارضة أسبابها المزعزعة لكيان الأمة ووحدتها؟!
(أقول) ماذا تقدر لها من مجد وسلطان وهيمنة على العالم لو لم تبتل بعشاق الملك المتضاربين، والامراء السكارى بنشوة السلطان، ولم تكن مسرحا للمعارك الدامية التي يقل نظيرها في التاريخ، ولم يستغل حكامها الغاشمون إمكانيات الأمة كلها للذاتهم وهنائهم ويستهينون بعد ذلك بمقدراتها جميعا (3)؟
لم ينظر الصديق والفاروق إلا إلى زمانهما الخاص، فتصورا أن في طاقتهما حماية الكيان الإسلامي، ولكنهما لو تعمقا في نظرتهما كما تعمقت الزهراء وتوسعا في مطالعة الموقف لعرفا صدق الإنذار الذي أنذرتهما به الزهراء.