أن يتحكم في شؤون الأمة كلها، ولأن حياة الأمة لا يمكن أن تعلق على خيط ضعيف كهذا الخيط، ويرن في حفظ مقدساتها ومقامها إلى حكومة أنشأها جماعة من الصحابة لم يزكهم إجماع شعبي، ولا نص مقدس، بل هم أناس عاديون من الصحابة. ونحن نعلم أن (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون) (1) (ومنهم من عاهد الله لئن اتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين * فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون * فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون) (2)، ومنهم من خص الله تعالى نفسه بالاطلاع على سرائرهم ونفاقهم فقال لرسوله: (ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم) (3).
فجماعة فيها المنافق، وفيها من يؤذي رسول الله، وفيها الكاذب لا يمكن أن يعتبر رأى بعضهم أيا كان، ملاكا للمنصب الأول في العالم الإسلامي.
وتعليقا على هذه المعلومات نقول: إن خلافة الصديق لم تكن خلافة نص، ولا خلافة أكثرية ولا نتيجة انتخاب مباشر ولا غير مباشر، نعم بذل في سبيلها بعض المسلمين جهودا رائعة، والتفت حولها طائفة من الناس وانتصرت لها جماعات عديدة في المدينة، ولكن هؤلاء جميعا ليسوا إلا بعض المسلمين، والبعض ليس له حكم مطاع في الموضوع، لأن الحكم الذي يستمد معنويته القانونية من الأمة يلزم أن يكون صاحبه ممثلا للأمة بجميع عناصرها أو أكثر عناصرها، هذا أولا، وأما ثانيا فلأن في المسلمين منافقين لا يعلمهم