الحديث الذي رآه دالا على نفي توريث التركة النبوية واطمئنانه إلى سماع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثباته عليه. ويمكننا فهم ذلك مما تحدثنا به الروايات (1) من أن الخليفة سلم فدك للحوراء وكاد الأمر أن يتم لولا أن دخل عمر وقال له: (ما هذا؟ فقال له: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها، فقال: ماذا تنفق على المسلمين وقد حاربتك العرب كما ترى ثم أخذ الكتاب فشقه) (2). ونحن ننقل هذه الرواية في تحفظ وإن كنا نستقرب صحتها، لأن كل شئ كان يشجع على عدم حكاية هذه القصة لو لم يكن لها نصيب من الواقع، وإذا صحت ففي تدل على أن أمر التسليم وقع بعد الخطبة الفاطمية الخالدة ونقل الخليفة لحديث نفي الإرث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لأن حروب الردة التي أشار إليها عمر في كلامه ابتدأت بعد يوم السقيفة بعشرة أيام (3)، وخطبة الزهراء قد كانت في اليوم العاشر أيضا كما سبق (4).
2 - وقد أظهر الخليفة الندم في ساعة وفاته على عدم تسليم فدك لفاطمة (5)، وقد بلغ به التأثر حينا أن قال للناس وقد اجتمعوا حوله: أقيلوني بيعتي. وندرك من هذا أن الخليفة كان يطوي نفسه على قلق عظيم عظيم مرده إلى الشعور بنقص مادي في حكمه على فاطمة وضعف في المدرك الذي استند