إليه، ويثور به ضميره أحيانا فلا يجد في مستنداته ما يهدئ نفسه المضطربة وقد ضاق بهذه الحالة المريرة، فطفحت نفسه في الساعة الأخيرة بكلام يندم فيه على موقفه من الزهراء، تلك الساعة الحرجة التي يتمثل فيها للإنسان ما مثله على مسرح الحياة من فصل أو شك الستار أن يسدل عليها، وتجتمع في ذاكرته خيوط حياته بألوانها المختلفة التي آن لها أن تنقطع، فلا يبقى منها إلا التبعات.
3 - ولا ننسى أن أبا بكر أوصى (1) أن يدفن إلى جوار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يصح ذلك إلا إذا كان قد عدل عن اعتبار روايته مدركا قانونيا في الموضوع، واستأذن ابنته في أن يدفن فيما ورثته من أرض الحجرة - إذا كان للزوجة نصيب في الأرض، وكان نصيب عائشة يسع ذلك - ولو كان يرى أن تركة النبي صلى الله عليه وآله وسلم صدقة مشتركة بين المسلمين عامة، للزمه الاستئذان منهم. وهب أن البالغين أجازوا ذلك فكيف بالأطفال والقاصرين ممن كانوا في ذلك الحين؟!
4 - ونحن نعلم أيضا أن الخليفة لم ينتزع من نساء النبي بيوتهن ومساكنهن التي كن يسكن فيها في حياد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فما عساه أن يكون سبب التفريق الذي أنتج انتزاع فدك من الزهراء وتخصيص حاصلاتها للمصالح العامة وإبقاء بيوت نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لهن يتصرفن فيها كما يتصرف المالك في ماله حتى تستأذن عائشة في الدفن في حجرتها؟ أكان الحكم بعدم التوريث مختصا ببضعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟! أو أن بيوت الزوجات كانت