وقد روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صحاح السنة أنه قال: (بينا أنا قائم - يعني يوم القيامة على الحوض - فإذا زمرة، حتى إذا عرفتهم خرج رجل من بيني وبينهم فقال: هلم، فقلت أين؟ فقال: إلى النار والله، قلت: وما شأنهم؟ قال: إنهم ارتدوا بعدك على أدبارهم هم القهقرى - إلى أن قال -: فلا أراه يخلص منهم إلا مثل همل النعم) (1).
ولا يمكن أن تكون هذه الأكثرية الجهنمية التي حدث عنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مصدر السلطة في 65 الإسلام، لأنها لا تنشئ بطبيعة الحال إلا خلافة مطبوعة بطابعها.
وإذا خرجنا بالأكثرية عن حدود المدنيين الذين عرفنا أنفا مراكزهم الجهنمية على ا لأغلب في الحياة الخالدة، واعتبرنا أكثرية المسلمين عموما هي المقياس الصحيح، فلا بد أن نلاحظ أن المدينة هل كانت وحدها مسكن المسلمين ليكتمل النصاب المفروض بالأكثرية المدنية أو أن أبا بكر لم يكتف بها وإنما بعث إلى المسلمين المنتشرين في أرجاء المملكة بالخبر ليأخذ آراءهم ويستشيرهم؟! كلا لم يحدث شئ من ذلك وإنما فرض حكومته على آفاق المملكة كلها فرضا لا يقبل مراجعة ولا جدالا حتى أصبح التردد في الخضوع لها جريمة لا تغتفر (2).
وقالوا: إن الخلافة تحصل ببيعة بعض المسلمين، ولا ريب أن ذلك قد حصل لأبي بكر.
ولكن هذا مما لا يقره المنطق السياسي السليم، لأن البعض لا يمكن