وأنا لا أدري ما منع هؤلاء الخائفين من الفتنة الذين لا مطمع لهم في السلطان إلا بمقدار ما يتصل بصالح الإسلام أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن خليفته أن يطلبوا منه أن يعين لهم المرجع الأعلى للحكومة الإسلامية من بعده، وقد طال المرض به أياما متعددة، وأعلن فيها مرارا عن قرب أجله، واجتمع به جماعة من أصحابه فسألوه عن كيفية غسله وتفصيلات تجهيزه (1)، ولم يقع في أنفسهم مطلقا أن يسألوه عن المسألة الأساسية، بل لم يخطر في بال أولئك الذين أصروا على عمر بأن يستخلف ولا يهمل الأمة وألحوا عليه في ذلك خوفا من الفتنة (2) أن يطلبوا نظير هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فهل ترى أنهم كانوا حينذاك في غفلة عن أخطار الموقف بالرغم من إنذار النبي صلى الله عليه وآله وسلم بفتن كقطع الليل المظلم؟! حتى إ ذا لحق سيد البشر بالرفيق الأعلى توهجت مشاعرهم بالغيرة على الدين، وملأ قلوبهم لخوف من الفتنة والانعكاسات السيئة. أو تعتقد معي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان قد اختار للسفينة ربانها الأفضل ولذلك لم يسأله السائلون!!
دع عنك هذا واختلق لهم ما شئت من المعاذير، فإن هؤلاء الغيارى على الإسلام لم يكتفوا بترك السؤال، بل منعوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من مقاومة الخطر المرتقب حينما أراد أن يكتب (كتابا لا يضل المسلمون بعده أبدا) (3). والفتنة ضلال، وإذن فلا فتنة بعد ذلك الكتاب أبدا فهل كانوا