وهل من غضاضة بعد أن يصطلح عليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالفتنة أن تمنح لقب الفتنة الأولى في دنيا الإسلام.
وقد كانت العمليات السياسية يومئذ فتنة من ناحية أخرى، لأنها فرضت خلافة على أمة لم يقتنع بها إلا القليل (1) من سوقتها الذين ليس لمثلهم الحق في تقرير مصير الحكم في عرف الإسلام ولا في لغة القوانين الدستورية جميعا.
تلك هي خلافة الصديق (رضي الله تعالى عنه) عندما خرج من السقيفة (وعمر يهرول بين يديه وقد نبر حتى أزبد شدقاه) وجماعته تحوطه (وهم متزرون بالأزر الصنعانية لا يمرون بأحد إلا خبطوه وقدموه فمدوا يده فمسحوها على يد أبي بكر يبايعه شاء ذلك أو أبى) (2).
ومعنى هذا أن الحاكمين زفوا إلى المسلمين خلافة لم تباركها السماء ولا رضي بها المسلمون. وأن الصديق لم يستمد سلطانه من نص نبوي - بالضرورة - ولم ينعقد الاجماع عليه ما دام سعد لم يبايع إلى أن مات الخليفة، وما دام الهاشميون لم يبايعوا إلى ستة أشهر من خلافته - كما في صحيح البخاري (3).
قالوا: إن أهل الحل والعقد قد بايعوه وكفى.
ولكن ألا يحتاج هذا المفهوم إلى توضيح وإلى مرجع يرجع إليه في