فدك في التاريخ - السيد محمد باقر الصدر - الصفحة ١٥٣
أجلى دلالة وأكثر مادية من الزهد في الدنيا، ولذائذها الزائفة، ومتعها الفانية. فماذا لا يجوز لنا افتراض أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أراد أن يشير إلى أن الأنبياء أناس ملائكيون وبشر من الطراز الأسمى الذي لا تشوبه الأنانيات الأرضية والأهواء البشرية؟ لأن طبيعتهم قد اشتقت من عناصر السماء - بمعناها الرمزي - المتدفقة بالخير لا من مواد هذا العالم الأرضي، فهم أبدا ودائما منابع الخير، والطالعون بالنور، والمورثون للأيمان والحكمة، والمركزون للسلطان الإلهي في الأرض. وليسوا مصادر للثروة بمعناها المصطلح عليه في عرف الناس، ولا بالساعين وراء نفائسها. ولماذا لا يكون قوله: (إنا معاشر الأنبياء لا نورث ذهبا ولا فضة ولا أرضا ولا عقارا ولا دار ا) كناية عن هذا المعنى؟ لأن توريثهم لهذه الأشياء إنما يكون بحيازتهم لها، وتركهم إياها بعد موتهم وهم منصرفون عنها، لا يحسبون لها حسابا ولا يقيمون لها وزنا ليحصلوا على شئ منها. فما هو تحت اللفظ نفي التوريث لعدم وجود التركة كما إذا قلنا: إن الفقراء لا يورثون، لا أنهم يختصون عن سائر الناس بحكم يقتضي بعدم جريان أحكام الإرث على تركاتهم.
والهدف الأصلي من الكلام بيان جلال الأنبياء. وهذا الأسلوب من البيان مما يتفق مع الأساليب النبوية الرائعة التي تطفح بالمعاني الكبار وتزخر بأسماها في موجاتها اللفظية القصيرة.
4 - ولكي تتفق معي على تفسير معين للحديث، يلزم أن نعرف معنى التوريث لنفهم الجملة النافية له كما يلزم. و 70 معنى التوريث جعل شئ ميراثا، فالمورث من يكون سببا لانتقال المال من الميت إلى قريبه (1) وهذا

(١) المصباح المنير 2: 654 نشر دار الهجرة - قم المقدسة.
(١٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 7
2 تقديم بقلم الإمام الشهيد الصدر (قدس سره) 15
3 الفصل الأول: على مسرح الثورة 17
4 تمهيد 19
5 أجواء الحدث 22
6 مستمسكات الثورة 25
7 طريق الثورة 29
8 النسوة 30
9 ظاهرة 31
10 الفصل الثاني: فدك بمعناها الحقيقي والرمزي 33
11 الموقع 35
12 فدك في أدوارها الأولى (عصر الخلفاء) 35
13 فدك في عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) 36
14 في فترة الأمويين 37
15 في فترة العباسيين 39
16 القيمة المعنوية والمادية لفدك 41
17 الفصل الثالث: تاريخ الثورة 43
18 منهج دراسة التاريخ 45
19 تقويم تاريخ صدر الإسلام 47
20 مع العقاد في دراسته 53
21 بواعث الثورة 59
22 دوافع الخليفة الأول في موقفه 61
23 أبعاد قضية فدك السياسية 63
24 قضية فدك في ضوء الظروف الموضوعية 70
25 مسألة موت الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 71
26 مسألة السقيفة وموقف الإمام علي (عليه السلام) 73
27 تحليل الموقف في قصة السقيفة 84
28 الإمام علي (عليه السلام) خصائصه وموقفه من الخلافة 97
29 مسألة عدم الاحتجاج بالنص 106
30 المواجهة السلمية 112
31 الفصل الرابع: قبسات من الكلام الفاطمي 121
32 عظمة الرسول القائد (صلى الله عليه وآله وسلم) 123
33 عظمة الإمام علي (عليه السلام) ومؤهلاته الشخصية 124
34 مقارنة بين مواقف الإمام (عليه السلام) والآخرين 126
35 حزب السلطة الحاكمة 131
36 الفتنة الكبرى 135
37 الفصل الخامس: محكمة الكتاب 145
38 موقف الخليفة الأول من تركة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) 147
39 روايات الخليفة الأول ومناقشتها 151
40 موقف الخليفة من مسألة الميراث 165
41 نتائج المناقشة 170
42 مسألة النحلة 185