فصلى بهم فلم يقرأ ببسم الله الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع، فناداه المهاجرون حين سلم والأنصار: أن يا معاوية! سرقت صلاتك؟ أين بسم الله الرحمن الرحيم؟ وأين التكبير إذا خفضت وإذا رفعت؟ فصلى بهم صلاة أخرى، فقال: ذلك فيما الذي عابوا عليه.
وأخرجه من طريق أنس صاحب " الانتصار " كما في البحر الزخار 1: 249.
قال الأميني: تنم هذه الأحاديث عن أن البسملة لم تزل جزئا من السورة منذ نزول القرآن الكريم، وعلى ذلك تمرنت الأمة، وانطوت الضمائر، وتطامنت العقائد، و لذلك قال المهاجرون والأنصار لما تركها معاوية: إنه سرق ولم يتسن لمعاوية أن يعتذر لهم بعدم الجزئية حتى التجأ إلى إعادة الصلاة مكللة سورتها بالبسملة، أوانه التزم بها في بقية صلواته، ولو كان هناك يومئذ قول بتجرد السورة عنها لاحتج به معاوية لكنه قول حادث ابتدعوه لتبرير عمل معاوية ونظرائه من الأمويين الذين اتبعوه بعد تبين الرشد من الغي.
وأما التكبير عند كل هوي وانتصاب فهي سنة ثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله عرفها الصحابة كافة فأنكروا على معاوية تركها، وعليها كان عمل الخلفاء الأربعة، واستقر عليها إجماع العلماء وهي مندوبة عندهم عدا ما يؤثر عن أحمد في إحدى الروايتين عنه من وجوبها وكذلك عن بعض أهل الظاهر، وإليك جملة مما ورد في المسألة:
1 - عن مطرف بن عبد الله قال: صليت خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنا وعمران بن حصين فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد، أو قال:
لقد صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم.
وفي لفظ لأحمد: قال عمران: ما صليت منذ حين. أو قال: منذ كذا كذا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذه الصلاة. صلاة علي.
وفي لفظ آخر له: عن مطرف عن عمران قال: صليت خلف علي صلاة ذكرني صلاة صليتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين قال: فانطلقت فصليت معه فإذا هو يكبر كلما سجد وكلما رفع رأسه من الركوع فقلت: يا أبا نجيد من أول من تركه؟ قال عثمان بن عفان رضي الله عنه حين كبر وضعف صوته تركه.