وفي لفظ البيهقي في سننه 8: 102: كانت دية اليهود والنصارى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم مثل دية المسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم، فلما كان معاوية أعطى أهل المقتول النصف، وألقى النصف في بيت المال، قال: ثم قضى عمر بن عبد العزيز في النصف وألقى ما كان جعل معاوية.
وفي الجوهر النقي: ذكر أبو داود في مراسيله بسند صحيح عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: كان عقل الذمي مثل عقل المسلم في زمن رسول الله وزمن أبي بكر وزمن عمر وزمن عثمان حتى كان صدرا من خلافة معاوية، فقال معاوية: إن كان أهله أصيبوا به فقد أصيب به بيت مال المسلمين، فاجعلوا لبيت مال المسلمين النصف ولأهله النصف خمسمائة دينار، ثم قتل رجل من أهل الذمة. فقال معاوية: لو إنا نظرنا إلى هذا الذي يدخل بيت المال فجعلناه وضيعا عن المسلمين وعونا لهم، قال لمن هناك: وضع عقلهم إلى خمسمائة.
وقال ابن كثير في تاريخه 8: 139: قال الزهري: مضت السنة أن دية المعاهد كدية المسلم، وكان معاوية أول من قصرها إلى النصف وأخذ النصف.
قال الأميني: تقدم في الجزء الثامن ص 176: إن دية الذمي في دور النبوة لم يكن ألفا كما حسبه الزهري، ولم يذهب إليه أحد من أئمة المذاهب إلا أبا حنيفة وإن أول من جعلها ألفا هو عثمان، وعلى أي حال فما ارتكبه معاوية فيه بدع ثلاث.
1 - أخذ الدية ألفا.
2 - تنصيفه بين ورثة المقتول وبيت المال.
3 - وضعه حصة بيت المال أخيرا إن كانت الألف سنة ولبيت المال فيها حق.
فمرحى بخليفة يجهل حكما واحدا من الشريعة من شتى نواحيه، أو: يعلمه لكنه يتلاعب به كيفما حبذته له ميوله، وهو لا يقيم للحكم الإلهي وزنا، ولا يرى لله حدودا لا يتجاوزها، ويقول: لو أنا نظرنا. إلخ. ولا يبالي بما تقول على الله ولا يكترث لمغبة ما أحدثه في الدين وفي الذكر الحكيم قوله تعالى: ولو تقول علينا بعض الأقاويل، لأخذنا منه باليمين، ثم لقطعنا منه الوتين سورة الحاقة 44، 45، 46.