وهل طلحة هذا هو الذي قتل عثمان، وحال بينه وبين الماء، ومنعه عن أن يدفن في جبانة المسلمين، وقتله مروان أخذا بثار عثمان، وهما بعد من العشرة المبشرة؟
غفرانك اللهم وإليك المصير.
وهل طلحة هذا هو الذي أقام علي أمير المؤمنين عليه السلام عليه الحجة يوم الجمل باستنشاده إياه حديث الولاية [من كنت مولاه فعلي مولاه] فاعتذر بما اعتذر من نسيانه الحديث، لكنه لم يرتدع بعد عن غيه بمناصرة أمير المؤمنين مع بيعته إياه، ولا فوض الحق إلى أهله حتى أتى عليه سهم مروان فجرعته منيته وهو الخارج على إمام وقته! أفهل ترى الإمام والخارج عليه كلا منهما في الجنة؟
وهل طلحة هذا هو الذي نزل فيه قوله تعالى: وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا، إن ذلكم كان عند الله عظيما؟ (الأحزاب 53) نزلت الآية الشريفة لما قال طلحة: أيحجبنا محمد عن بنات عمنا، ويتزوج نساءنا من بعدنا؟ فإن حدث به حدث لنزوجن نساءه من بعده. وقال: إن مات رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة وهي بنت عمي فبلغ ذلك رسول الله فتأذى به فنزلت.
أقبل عليه عمر يوم طعن وقال له: أقول أم أسكت؟ قال: قل فإنك لا تقول من الخير شيئا. قال: أما إني أعرفك منذ أصيبت إصبعك يوم أحد والبا بالذي حدث لك، ولقد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ساخطا عليك بالكلمة التي قلتها يوم نزلت آية الحجاب.
قال أبو عثمان الجاحظ: إن طلحة لما أنزلت آية الحجاب قال بمحضر ممن نقل عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ما الذي يغنيه حجابهن اليوم فسيموت غدا فننكحهن.
قال أبو عثمان: لو قال لعمر قائل: أنت قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله مات وهو راض عن الستة فكيف تقول الآن لطلحة: إنه مات عليه السلام ساخطا عليك للكلمة التي قلتها لكان قد رماه بمشاقصه، ولكن من الذي كان يجسر على عمر أن يقول له ما دون هذا فكيف هذا؟ (1) راجع تفسير القرطبي 14: 228، فيض القدير 4. 290، تفسير ابن كثير 3: 506، تفسير البغوي 5: 225، تفسير الخازن 5: 225، تفسير الآلوسي 22: 74.