وفي ظني الأكبر أن سعيد بن زيد لما كان لا يتحمل من مناوئي علي أمير المؤمنين عليه السلام الوقيعة فيه والتحامل عليه، ويجابه بذلك من كان ولاه معاوية على الكوفة، وكان قد تقاعس عن بيعة يزيد عندما استخلفه أبوه، وأجاب مروان في ذلك بكلمة قارصة (1) أخذته الخيفة على نفسه من بوادر معاوية فاتخذ باختلاقه هذه الرواية ترسا يقيه عن الاتهام بحب علي عليه السلام، وكان المتهم بتلك النزعة يوم ذاك يعاقب بألوان العذاب ويسجن وينكل به ويقتل تقتيلا، فأرضي خليفة الوقت بإتحاف الجنة لمخالفي علي عليه السلام والمتقاعسين عن بيعته والخارجين عليه، وجعل رؤسائهم في صف واحد لا يشاركهم غيرهم كأن الجنة خلقت لهم فحسب، ولم يذكر معهم أحدا من موالي علي وشيعته وفيهم من فيهم من سادات أهل الجنة كسلمان وأبي ذر وعمار والمقداد، فنال بذلك رضى الخليفة وكان يعطى لكل باطل مزيف قناطير مقنطرة من الذهب والفضة. ولولا الصارم المسلول في البين وكان هو الحاكم الفصل يوم ذاك لما كان يخفى على أي سعيد وشقي أن متن الرواية يأبى عن قبولها، وأن عليا قط لا يجتمع في الجنة مع من خالفه وناوئه وآذاه والضدان لا يجتمعان، وسيرة علي عليه السلام غير سيرة أولئك الرحط، وقد تنازل عن الخلافة يوم الشورى حذرا عن اتباع سيرة الشيخين لما اشترط عليه في البيعة وأنكره بملأ فمه، وبعدهما وقع ما وقع بينه وبين عثمان، وما ساءه قتله ولم يشهد بأنه قتل مظلوما، وصحت عنه خطبته الشقشقية، ونادى في الملأ: ألا إن كل قطيعة أقطعها عثمان وكل مال أعطاه من مال الله فهو مردود في بيت المال (1) وبعده حاربه الناكثان وقاتلاه وقتلا دون مناوئته، فكيف تجمعهم وعليا الجنة؟ أنا لا أدري. أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم؟ كلا.
نظرة في المتن ولنا في متن الرواية نظرات وتأملات يزحزحنا عن الاخبات إلى صحتها.
هل عبد الرحمن بن عوف المعزو إليه الرواية وهو أحد العشرة المبشرة كان يعتقد بها ويصدقها ومع ذلك سل سيفه على علي يوم الشورى قائلا: بايع وإلا تقتل. وقال