* (ومنها) *: ما أخرجه الشيخان (1) من طريق مجاهد قال: دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا عبد الله بن عمر جالس إلى حجرة عائشة والناس يصلون الضحى في - المسجد فسألناه عن صلاتهم فقال: بدعة. فقال له عروة: يا أبا عبد الرحمن! كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: أربع عمر إحداهن في رجب، فكرهنا أن نكذبه ونرد عليه، وسمعنا استنان عائشة في الحجرة فقال عروة: ألا تسمعين يا أم المؤمنين! إلى ما يقول أبو عبد الرحمن؟ فقالت: وما يقول؟ قال: يقول: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر إحداهن في رجب. فقالت: يرحم الله أبا عبد الرحمن، ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو معه، وما اعتمر في رجب قط.
الظاهر من الرواية أن ابن عمر تعمد باختلاق عمرة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في رجب وإن كره مجاهد، وعروة أن يكذباه، وإنما فعل ذلك روما لتدعيم ما تأول به رأي أبيه الشاذ في متعة الحج مما رواه أحمد في مسنده 2: 95 من قوله: إن عمر لم يقل لكم إن العمرة في أشهر الحج حرام ولكنه قال: إن أتم العمرة أن تفردوها من أشهر الحج.
فأراد ابن عمر بعزو عمرة رجب المختلقة إلى رسول الله صلى الله وعليه وآله وسلم تأييدا لتأويله الذي يضاد صريح قول أبيه: إني أحرمها وأعاقب عليها. وقد فصلنا القول فيها في ج 6.
ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما اعتمر في رجب قط كما جاء في حديث أنس أيضا: اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عمر كلها في ذي العقدة (2) وأخرج ابن ماجة في سننه 2: 233 من طريق ابن عباس قال: لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا في ذي العقدة.
وكان ابن عمر يحسب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر مرتين فأنكرت عليه عائشة أيضا، ولعله كان قبل إنكارها السابق عليه، أخرج أبو داود وأحمد (3) من طريق مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: مرتين. فقالت عائشة: لقد علم ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع.