قال الأميني: إني واقف هاهنا موقف التحير، ولا أدري هل كان معاوية عاملا بمفاد هذا الحديث يوما من أيامه أبان خلافته وإمارته وقبلهما؟ أو كان يناقضه كمناقضته بكثير من الأحكام؟ ولإن كان خاضعا لما فيه من الحكم البات لما حملت إليه روايا الخمر قطارا، ولما حملها إليه حماره الذي كان يصاحبه، ولا ادخرها في حجرته، ولا اتخذ متجرا لبيعها، ولا شربها هو، ولا يعربد بشعره فيما وهو سكران، ولا قدمها إلى وفوده، ولا استخلف جروه السكير بمرئى منه ومسمع، ولا أضاع حد الله على من يشربها وينتشي بها، وحديث معاوية هذا مع جودة سنده وإخراج مثل أحمد والترمذي وأبي داود إياه لم يأخذ به وبمفاده أحد من أئمة الفقه وضربوا عنه صفحا لتفرد معاوية بروايته وهو لا يؤتمن على حديثه. هذا موقفه مع السنة التي اتخذها هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله على قلتها، فما ظنك بالكثير الذي لم يبلغه منها.
6 - عن أبي إدريس قال: سمعت معاوية وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا متعمدا. المسند 4: 99.
وقد جاء كما يأتي في الجزء الحادي عشر من كتاب له كتبه إلى علي أمير المؤمنين عليه السلام: وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو تمالا أهل صنعاء وعدن على قتل رجل و أحد من المسلمين لأكبهم الله على مناخرهم في النار.
قال الأميني: هل هذان الحديثان اللذان رواهما معاوية حجة له أو عليه؟
والحقيقة جلية لا يخفيها ستار، فإنك جد عليم بالذي باء بإثم تلكم الدماء المهراقة منذ يوم صفين، وبعده ريثما تتاح له الفرص مع مهب الريح، وتحت كل حجر ومدر، وعلى الروابي والثنيات، وعدد الرمل والحصى، عند كل هاتيك دم مسفوك، ونفس مزهقة، وأوصال مفصولة، وحرمات مهتوكة وهل شئ من تلكم البوائق يباح بآية من الكتاب؟ أو يبرر بسنة صحيحة؟ أو يحبذ بشئ من معاقد إجماع المسلمين؟
وهل هناك قياس ينتهي إلى شئ من هذه المبادئ الاجتهادية؟ وهل معاوية يحسن شيئا منها أو يتقنها؟: وأين وأنى له الرأي والاجتهاد؟ أو هو مجرم جاهل، وباغ