أن كعبا كان يعالج نيرنجا (1) فبلغ ذلك عثمان فأرسل إلى الوليد بن عقبة ليسأله عن ذلك فإن أقر به فأوجعه فدعا به فسأله فقال: إنما هو رفق وأمر يعجب منه فأمر به فعزر وأخبر الناس خبره وقرأ عليهم كتاب عثمان: إنه قد جد بكم فعليكم بالجد وإياكم والهزال فكان الناس عليه وتعجبوا من وقوف عثمان على مثل خبره فغضب فنفر في الذين نفروا فضرب معهم فكتب إلى عثمان فيه، فلما سير إلى الشام من سير سير كعب بن ذي الحبكة ومالك بن عبد الله وكان دينه كدينه إلى دنباوند لأنها أرض سحرة فقال في ذلك كعب بن ذي الحبكة للوليد.
لعمري لئن طردتني ما إلى التي * طمعت بها من سقطتي لسبيل رجوت رجوعي يا ابن أروى ورجعتي * إلى الحق دهرا غال ذلك غول وإن اغترابي في البلاد وجفوتي * وشتمي في ذات الإله قليل وإن دعائي كل يوم وليلة * عليك بدنباوندكم لطويل فلما ولى سعيد أقفله وأحسن إليه واستصلحه فكفره فلم يزدد إلا فسادا (2) شوه الطبري صحيفة تاريخه بمكاتبات السري وقد أسلفنا في الجزء الثامن أنها موضوعة كلها، اختلق الرجل في كل ما ينتقد به عثمان رواية تظهر فيها لوائح الكذب، يريد بها رفاء لما هنالك من فتق، وهو الذي قذف أبا ذر ونظرائه من الصالحين، غير مكترث لمغبة الكذب والافتراء، ومن ملامح الكذب في هذه الرواية أن تسيير من سير إلى الشام من قراء الكوفة ونساكها وضرب كعب إنما هو على عهد سعيد بن العاص لا الوليد بن عقبة كما زعمه مختلق الرواية.
وإن كتاب عثمان إلى الوليد لا يصلح ولم يؤثر في أي من مدونات التاريخ والسير ولو كان تفرد به أناس يوثق بهم لكان مجالا للقبول، لكن الرواية كما قيل:
صحاحهم عن سجاح عن مسيلمة * عن ابن حيان والدوسي يمليه وكلهم ينتهي إسناد باطله * إلى عزازيل منشيه ومنهيه (3)