على لسان محمد صلى الله عليه وسلم (1) وأتى الكوفيون الزبير وهو في جماعة أخرى وقد سرح ابنه عبد الله إلى عثمان فسلموا عليه وعرضوا له فصاح بهم وأطردهم وقال: لقد علم المسلمون أن جيش ذي المروة وذي خشب والأعوص ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه وسلم (2).
فخرج القوم وأروهم أنهم يرجعون فانفشوا عن ذي خشب والأعوص حتى انتهوا إلى عساكرهم وهي ثلاث مراحل كي يفترق أهل المدينة ثم يكروا راجعين فافترق أهل المدينة لخروجهم، فلما بلغ القوم عساكرهم كروا بهم فبغتوهم، فلم يفجأ أهل المدينة إلا والتكبير في نواحي المدينة، فنزلوا في مواضع عساكرهم، وأحاطوا بعثمان وقالوا: من كف يده فهو آمن. وصلى عثمان بالناس أياما ولزم بيوتهم ولهم يمنعوا أحدا من كلام، فأتاهم الناس فكلموهم وفيهم علي فقال: ما ردكم بعد ذهابكم ورجوعكم عن رأيكم؟ قالوا: أخذنا مع بريد كتابا بقتلنا، وأتاهم طلحة فقال البصريون مثل ذلك وأتاهم الزبير فقال الكوفيون والبصريون: فنحن ننصر إخواننا ونمنعهم جميعا. كأنما كانوا على ميعاد فقال لهم علي: كيف علمتم يا أهل الكوفة! ويا أهل البصرة! بما لقي أهل مصر وقد سرتم مراحل ثم طويتم نحونا، هذا والله أمر أبرم بالمدينة قالوا:
فضعوه علي ما شئتم لا حاجة لنا في هذا الرجل ليعتزلنا وهو في ذلك يصلي بهم وهم يصلون خلفه ويغشى من شاء عثمان وهم في عينه أدق من التراب، وكانوا لا يمنعون أحدا من الكلام وكانوا زمرا بالمدينة يمنعون الناس من الاجتماع. إلخ.
قال الأميني: تعطي هذه الرواية أن الذي رد الكتائب المقبلة من مصر والبصرة والكوفة هو زعماء جيش أحجار الزيت: أمير المؤمنين علي وطلحة والزبير يوم صاحوا بهم وطردوهم ورووا رواية اللعن عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيهم البدريون وغيرهم من أصحاب محمد العدول، فما تمكنت الكتائب من دخول المدينة وقد أسلفنا إصفاق المؤرخين على أنهم دخلوها وحاصروا الدار مع المدنيين أربعين يوما أو أكثر أو أقل حتى توسل عثمان بعلي أمير المؤمنين عليه السلام، فكان هو الوسيط بينه وبين القوم، وجرى هنالك ما مر تفصيله من توبة عثمان على صهوة المنبر، ومن كتاب عهده إلى البلاد على ذلك، فانكفأت