6 - * (وروى ص 126 بالإسناد الشعيبي) * قالوا: كان الحصر أربعين ليلة والنزول سبعين فلما مضت من الأربعين ثماني عشرة قدم ركبان من الوجوه فأخبروا خبر من قد تهيأ إليهم من الآفاق حبيب من الشام، ومعاوية من مصر، والقعقاع من الكوفة، ومجاشع من البصرة، فعندها حالوا بين الناس وبين عثمان ومنعوه كل شئ حتى الماء، وقد كان يدخل علي بالشئ مما يريد، وطلبوا العلل فلم تطلع عليهم علة، فعثروا في داره بالحجارة ليرموا فيقولوا: قوتلنا وذلك ليلا فناداهم: ألا تتقون الله؟ ألا تعلمون أن في الدار غيري؟ قالوا: لا والله ما رميناك قال:
فمن رمانا؟ قالوا: الله. قال: كذبتم إن الله عز وجل لو رمانا لم يخطئنا وأنتم تخطؤننا، وأشرف عثمان على آل حزم وهم جيرانه فسرح ابنا لعمرو إلى علي بأنهم قد منعونا الماء فإن قدرتم أن ترسلوا إلينا شيئا من الماء فافعلوا وإلى طلحة والزبير وإلى عائشة رضي الله عنها وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان أولهم إنجادا له علي وأم حبيبة، جاء علي في الغلس فقال: يا أيها الناس إن الذي تصنعون لا يشبه أمر المؤمنين ولا أمر الكافرين، لا تقطعوا عن هذا الرجل المادة فإن الروم وفارس لتأسر فتطعم وتسقي، وما تعرض لكم هذا الرجل، فبم تستحلون حصره وقتله؟ قالوا: لا والله ولا نعمة عين، لا نتركه يأكل ولا يشرب، فرمى بعمامته في الدار بأني قد نهضت فيما أنهضتني. فرجع وجاءت أم حبيبة على بغلة لها برحالة مشتملة على إداوة فقيل: أم المؤمنين أم حبيبة، فضربوا وجه بغلتها فقالت: إن وصايا بني أمية إلى هذا الرجل فأحببت أن ألقاه فأسأله عن ذلك كيلا تهلك أموال أيتام وأرامل. قالوا: كاذبة وأهووا لها وقطعوا حبل البغلة بالسيف فندت بأم حبيبة فتلقاها الناس وقد مالت رحالتها فتعلقوا بها وأخذوها وقد كادت تقتل فذهبوا بها إلى بيتها، وتجهزت عائشة خارجة إلى الحج هاربة، واستتبعت أخاها فأبى فقالت: أم والله لئن استطعت أن يحرمهم الله ما يحاولون لأفعلن. وجاء حنظلة الكاتب حتى قام على محمد بن أبي بكر فقال: يا محمد! تستتبعك أم المؤمنين فلا تتبعها وتدعوك ذؤبان العرب إلى ما لا يحل فتتبعهم؟ فقال: ما أنت وذاك يا ابن التميمية؟ فقال: يا ابن الخثعمية! إن هذا الأمر إن صار إلى التغالب غلبتك عليه بنو عبد مناف. وانصرف وهو يقول: