زال الناس مجترئين عليه إلى هذا اليوم.
تاريخ الطبري 5: 114، الكامل لابن الأثير 3: 70، تاريخ ابن كثير 7: 176، شرح ابن أبي الحديد 1: 165.
وأخرج البلاذري في الأنساب 5: 47 الحديث الأول باللفظ المذكور فقال: ثم أتاه وهو على المنبر فأنزله، وكان أول من اجترأ على عثمان وتجهمه بالمنطق الغليظ وأتاه يوما بجامعة فقال: والله لأطرحنها في عنقك، أو لتتركن بطانتك هذه، أطعمت الحارث بن الحكم السوق وفعلت وفعلت، وكان عثمان ولى الحارث السوق فكان يشتري الجلب بحكمه ويبيعه بسومه، ويجبي مقاعد المتسوقين، ويصنع صنيعا منكرا، فكلم في إخراج السوق من يده فلم يفعل، وقيل لجبلة في أمر عثمان وسئل الكف عنه فقال:
والله لا ألقى الله غدا فأقول: إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل.
وأخرج ابن شبه في أخبار المدينة من طريق عبد الرحمن بن الأزهر: إنهم لما أرادوا دفن عثمان فانتهوا إلى البقيع من دفنه جبلة بن عمرو فانطلقوا إلى حش كوكب فدفنوه فيه (1).
قال الأميني: إنك جد عليم بما في هذا المبجل البدري الذي أثنى عليه أبو عمر في " الاستيعاب " بقوله: كان فاضلا من فقهاء الصحابة. وهو أحد الصحابة العدول الذين يحتج بما رووه أو رأوه من شدة على عثمان وثباة عليها، حتى أنه يعد المحايدة يومئذ من الضلال الذي يأمر به السادة والكبراء الضالون، ويهدد عثمان و يرعد ويبرق وينهى عن رد السلام عليه الذي هو تحية المسلمين، ومن الواجب شرعا ردها، وينزله عن منبر الخطابة إنزالا عنيفا بين الملأ، ثم لم يزل يستخف به ويهينه ولا تأخذه فيه هوادة حتى منعه عن الدفن في البقيع، فدفن في حش كوكب مقابر اليهود وكل هذه لا تلتئم مع حسن ظنه به فضلا عن حسن عقيدته.
نعم: إن جبلة فعل هذه الأفاعيل بين ظهراني الملأ الديني الصحابة العدول وهم بين متجمهر معه، ومخذل عن الخليفة المقتول، ومتثبط عنه، وراض بما دارت على الخليفة من دائرة سوء، ما خلا شذاذ من الأمويين الذين وصفهم جبلة في بيانه،