فلن تجتمعي به أبدا. فخرجت المرأة باكية فرأت أبا بكر، فأخبرته بمنامها ولم تذكر له قول النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إذهبي فإنك تجتمعين به في هذه الليلة. فدخلت إلى منزلها وهي متفكرة في قول النبي صلى الله عليه وسلم وقول أبي بكر، فلما كان الليل وإذا بزوجها قد أتى، فذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرته بزوجها، فنظر إليها طويلا فجاءه جبرئيل وقال: يا محمد! الذي قلته هو الحق، ولكن لما قال الصديق إنك تجتمعين به في هذه الليلة استحيا الله منه أن يجري على لسانه الكذب، لأنه صديق فأحياه كرامة له.
نزهة المجالس 2 ص 184 قال الأميني: ليتنا كنا نقف على رجال هذا الخيال النبهاء الذين أرادوا كسح معرة الكذب عن ساحة الصديق فجروها إلى الساحة النبوية، فكأن الله لم يبال بأن يجري الكذب على لسان نبيه الصادق المصدق، حيث أنه لم يخبر عن موت الرجل وإنما أخبر امرأته بأنها لن تجتمع به أبدا بكلمة لن المفيدة لتأييد النفي المؤكد بقوله أبدا فظهر خلافه، لكنه استحى من أبي بكر بعد أن رجم بالغيب إفكا ظاهرا فأراد أن يرحض عنه ذلك بإحياء الرجل وعدم إماتته كرامة له، وهل يرحضه ذلك بعد أن وقع الكذب؟ أنا لا أدري.
وهل كانت كرامة أبي بكر على الله أعظم من كرامة رسوله عليه؟ حيث لم يرض بظهور الكذب عليه ورضيه على مصطفاه، ولم يكن في انتشاره عنه كسر للاسلام لكن انتشاره عن النبي صلى الله عليه وآله فت في عضد الدين.
ثم أعجب من تعليل الرواية بأن أبا بكر كان صديقا. أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله سيد الصديقين أجمع؟ وهب أن وحي هذه المزعمة خفف عن ساحة النبوة شيئا يمكن أن يفوه به من اختلقها بأن الأمر كان كما أخبر به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لكن أحيى الله الرجل للغاية التي ذكرها فلا كذب صلى الله عليه وآله وسلم لكن يدفعه ما قدمناه من أنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يخبر عن موت الرجل وإنما أخبر عن أنها لن تجتمع به أبدا وقد وقع خلاف ما أنبأ به. نعم: لعل ما مر من رأي الخليفة من جواز تقديم المفضول على الفاضل، أو الغلو في الفضائل، يرخصان بكل ما ذكر.