نصفان كشق الأبلمة - يعني الخوصة - (1) مدت لها الأوس كفاكي تناولها * فمدت الخزرج الأيدي تباريها وظن كل فريق أن صاحبه * أولى بها وأتى الشحناء آتيها (2) بعد قول أم مسطح بن أثاثة واقفة عند قبر النبي صلى الله عليه وآله وهي تنادي:
يا رسول الله!
قد كان بعدك أنباء وهنبثة (3) * لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب إنا فقدناك فقد الأرض وابلها * واختل قومك فاشهدهم ولا تغب (4) هذه كلها كانت تهدد السواد، وتروع عامة الناس وما كان لأحد في إصلاح القوم مطمع، ولا لأي من الأمة بعد ما شاهد الحل يوم ذاك حسبان حرمة ولا كرامة لنفسه يقوم بها تجاه ذلك التيار المتدفق.
وكانت هناك أمة تراها سكارى - وما هي بسكارى - من حراجة الموقف تسارها هواجسها بالتربص إلى حين، حتى تضع الغائلة أوزارها، ويتضح مآل أمر دبر بليل، ويتبين الرشد من الغي، وهواجس تجعل جماعة كالنزيعة تجهش وتحن وتقرع سن الأسف، وكم حنون لا يجديه حنينه.
وما عساني أن قول في تلك الخلافة؟ بعد ما رآها أبو بكر وعمر بن الخطاب فلتة كفلتة الجاهلية وقى الله شرها (5).
بعد ما حكم عمر بقتل من عاد إلى مثل تلك البيعة (6).
بعد قوله يوم السقيفة: من بايع أميرا عن غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا