والله يا بن أخي لقد قال الكلمة التي أمرته أن يقولها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك يا عم! (1) وقال السيد أحمد زيني دحلان في السيرة الحلبية 1: 94: نقل الشيخ السحيمي في شرحه على شرح جوهرة التوحيد عن الإمام الشعراني والسبكي وجماعة أن ذلك الحديث أعني حديث العباس ثبت عند بعض أهل الكشف وصح عندهم إسلامه.
قال الأميني: ذكرنا هذا الحديث مجاراة للقوم وإلا فما كانت حاجة أبي طالب مسيسة عند الموت إلى التلفظ بتينك الكلمتين اللتين كرس حياته الثمينة بالهتاف بمفادهما في شعره ونثره، والدعوة إليهما، والذب عمن صدع بهما، ومعاناة الأهوال دونهما حتى يومه الأخير؟ ما كانت حاجة أبي طالب مسيسة عندئذ إلى التفوه بهما كأمر مستجد؟
فمتى كفر هو؟ ومتى ضل؟ حتى يؤمن ويهتدي بهما، أليس من الشهادة قوله الذي أسلفناه ص 331:
ليعلم خيار الناس أن محمدا * وزير لموسى والمسيح ابن مريم أتانا بهدي مثل ما أتيا به * فكل بأمر الله يهدي ويعصم وإنكم تتلونه في كتابكم * بصدق حديث لا حديث مبرجم وقوله في ص 332:
أمين حبيب في العباد مسوم * بخاتم رب قاهر في الخواتم نبي أتاه الوحي من عند ربه * ومن قال: لا يقرع بها سن نادم وقوله في ص 332:
ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * رسولا كموسى خط في أول الكتب وقوله في ص 334:
وظلم نبي جاء يدعو إلى الهدى * وأمر أتى من عند ذي العرش قيم وقوله في ص 334:
فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وأبشر بذاك وقر منك عيونا ودعوتني وعلمت أنك ناصحي * ولقد دعوت وكنت ثم أمينا