الأمة، والأسمح على محاويج الملأ الديني، إلا أمثالها من الشرايط والأوصاف، إذن فلا تصوير لما حسبوه من أن المفضول قد يكون أقدر وأعرف وأقوم.
إلخ. وعلى المولى سبحانه أن لا يخلي الوقت عن إنسان هو كما قلناه، بعد أن أثبتنا إن تقييضه من اللطف الواجب عليه سبحانه، وهو عديل القرآن الكريم ولا يفترقا حتى يردا على النبي الحوض.
وأما من لا ينقاد له من الجيش وغيره فهو كمن لا ينقاد لصاحب الرسالة، لا يزحزح بذلك صاحب الأمر عما قيضه الله له من الولاية الكبرى، بل يجب على بقية الأمة إخضاعهم كما أخضعوا أهل الردة أو من حسبوه منهم، وأن يفوقوا إليه سهم الجن كما فوقوه إلى سعد بن عبادة أمير الخزرج.
ولم تكن للخليفة مندوحة عن رأيه في تقديم المفضول، وما كان إلا تصحيحا لخلافة نفسه، ولتقدمه على من قدسه المولى سبحانه في كتابه العزيز، ورآه نفس النبي الأقدس وقرن طاعته بطاعته، وولايته بولايته، وأكمل به الدين، وأتم به النعمة، وأمر نبيه بالبلاغ وضمن له العصمة من الناس، وهتف هاتف الوحي بولايته وأولويته بالمؤمنين من أنفسهم في محتشد رهيب بن مائة ألف أو يزيدون قائلا: يا أيها الناس! إن الله مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه.
ولم تكن تخفى لأي أحد فضائل أبي السبطين وملكاته وروحياته، وطيب عنصره، وطهارة محتده، وقداسة مولده، وعظمة شأنه، وبعد شأوه في حزمه وعزمه وسبقه في الاسلام، وتفانيه في ذات الله، وأفضليته في العلم والفضائل كلها.
نعم: على رأي الخليفة في تقديم المفضول على الفاضل وقع الانتخاب من أول يومه، فبويع أبو بكر بعقد رجلين ليس إلا: عمر بن الخطاب وأبي عبيدة الحفار ابن الجراح، وكان الأمر أمر نهار قصي ليلا، مدبرا بين أولئك الرجال مؤسسي الانتخاب الدستوري، وما اتبعهما يوم ذاك إلا أسيد بن حضير، وبشر بن سعد، ثم دردب الناس لما عضه الشفاف (1) واتسع الخرق على الراقع، وما أدركت القويمة حتى أكلتها