راع، استخلف عليهم ولا تدعهم بعدك هملا، فإني أخشى عليهم الفتنة (1) فترك الناس مهملين فيه خشية الفتنة عليهم.
وقال عبد الله بن عمر لأبيه: لو استخلفت؟ قال: من؟ قال: تجتهد فإنك لست لهم برب، تجتهد، أرأيت لو أنك بعثت إلى قيم أرضك ألم تكن تحب أن يستخلف مكانه حتى يرجع إلى الأرض؟ قال: بلى. قال: أرأيت لو بعثت إلى راعي غنمك ألم تكن تحب أن يستخلف رجلا حتى يرجع؟ (2).
م وهذا معاوية بن أبي سفيان يتمسك بهذا الحكم العقلي المسلم في استخلاف يزيد ويقول: إني أرهب أن أدع أمة محمد بعدي كالضان لا راعي لها] (3).
ليت شعري هذا الدليل العقلي المتسالم عليه لم أهملته الأمة في استخلاف النبي الأعظم واتهمته بالصفح عنه؟ أنا لا أدري.
ولا يجوز أيضا توكل الأمر إلى أفراد الأمة، أو إلى أهل الحل والعقد منهم لأن مما أوجبه العقل السليم أن يكون الإمام مكتنفا بشرايط بعضها من النفسيات - الخفية الملكات التي لا يعلمها إلا العالم بالسرائر (4) كالعصمة والقداسة والروحية، والنزاهة النفسية لتبعده عن الأهواء والشهوات، والعلم الذي لا يضل معه في شئ من الأحكام إلى كثير من الأوصاف التي تقوم بها النفس، ولا يظهر في الخارج منها إلا جزئيات من المستصعب الحكم باستقرائها على ثبوت كلياتها، وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون. (سورة القصص 69) والله يعلم حيث يجعل رسالته.
فالأمة المنكفئ علمها عن الغيوب لا يمكنها تشخيص من تحلى بتلك الصفات فالغالب على خيرتها الخطأ، فإذا كان نبي كموسى على نبينا وآله وعليه السلام تكون وليدة اختياره من الآلاف المؤلفة سبعين رجلا، وإنهم لما بلغوا الميقات قالوا: أرنا الله جهرة؟ فما ظنك بأفراد عاديين واختيارهم، وأناس ماديين وانتخابهم، وما عساهم أن ينتخبوا غير أمثالهم ممن هو وإياهم سواسية كأسنان المشط في الحاجة إلى المسدد،