وفي لفظ ابن الجوزي في الصفوة 1، 98: قد وليت أمركم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن زغت فقوموني.
وهل الخليفة حري بأن ترعاه أمته ورعيته فتعينه وتسدده وتقومه عند الخطل والزيغ؟ وكيف لا يؤاخذ الخليفة بالسنة وهو وارث علم النبي وحامل سنته وقد أكمل الله دينه وأوحى إلى نبيه ما تحتاج إليه أمته، وبلغ صلى الله عليه وآله كل ما جاء به حتى حق له أن ينهى عن الرأي والقياس في دين الله، أو يقول: ما تركت شيئا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به، ولا تركت شيئا مما نهاكم عنه إلا وقد نهيتكم عنه (1).
وقد فتح الخليفة لقصر باعه في علوم الكتاب والسنة باب القول بالرأي بمصراعيه بعد ما سده النبي الأعظم على أمته، ولم تكن عند الخليفة مندوحة سواه، قال ابن سعد في الطبقات، وأبو عمر في كتاب العلم 2: 51، وابن القيم في أعلام الموقعين ص 19، إن أبا بكر نزلت به قضية فلم يجد في كتاب الله منها أصلا، ولا في السنة أثرا، فاجتهد رأيه ثم قال: هذا رأيي فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمني واستغفر الله. " وذكره السيوطي في تاريخ الخلفاء عن ابن سعد ص 71 ".
وقال ميمون بن مهران: كان أبو بكر إذ ورد عليه الخصم فإن وجد في الكتاب أو علم من رسول الله ما يقضي بينهم قضى به، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين وقال:
أتاني كذا وكذا فهل علمتم أن رسول الله قضى في ذلك بقضاء؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر من رسول الله فيه قضاءا، فيقول أبو بكر: الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ نبينا، فإن أعياه أن يجد فيه سنة من رسول الله جمع رؤس الناس و خيارهم فاستشارهم فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به (2).
هكذا كان شأن الخليفة في القضاء، وهذا مبلغ علمه، وهذه سيرته في العمل بالرأي المجرد وقد قال عمر بن الخطاب: أصبح أهل الرأي أعداء السنن أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلتت منهم أن يرووها فاشتقوا الرأي، أيها الناس إن الرأي إن كان من