يؤرقني في واسط كل ليلة * وساوس هم من نوى وفراق فيا للهوى هل راحم لمتيم * يعل بكأس للفراق دهاق؟!
خليلي هل ما فات يرجى؟ ولنا * على النأي من بعد الفراق تلاقي؟!
فإن كنت أبدي سلوة عن هواكم * فإن صباباتي بكم لبواقي ألا يا حمامات على نهر سالم * سلمت ووقاك التفرق واقي تعالين نبد النوح كل بشجوه * فإن اكتتام الوجد غير مطاق على أن وجدي غير وجدك في الهوى * فدمعي مهراق ودمعك راقي وما كنت أدري بعد ما كان بيننا * من الوصل أني للفراق ملاقي فها أنت قد هيجت لي حرق الجوى * وأبديت مكنون الهوى لوفاقي وأسهرتني بالنوح حتى كأنما * سقاك بكاسات التفرق ساقي فلا تحسبي إني نزعت عن الهوى * وكيف نزوعي عنه بعد وفاقي؟!
ولكنني أخفيت ما بي من الجوى * لكي لا يرى الواشون ما أنا لاق قال الشريف قطب الدين أبو يعلى محمد بن علي بن حمزة: أنشدني الربيب أبو المعالي سالم ابن العودي في منزلي مستهل صفر سنة خمسين وخمسمائة:
ما حبست الكتاب عنك لهجر * لا ولا كان ذاكم عن تجافي غير أن الزمان يحدث للمرء * أمورا تنسيه كل مصافي شيم مرت الليالي عليها * والليالي قليلة الانصاف وهذه أبيات حكمية كريمة منتزعة معانيها من صميم الحقيقة الحيوية، وقال الحسن بن هبة الله التغلبي المعروف بابن مصري الدمشقي: أنشدني أبو المعالي سالم بن علي العودي لنفسه:
دع الدنيا لمن أمسى بخيلا * وقاطع من تراه لها وصولا ولا تركن إلى الأيام واعلم * بأن الدهر لا يبقي جليلا فكم قد غرت الدنيا أناسا * وكم قد أفنت الدنيا قبيلا وما هذي الحياة وإن تراخت * بممتعة بها إلا قليلا فويل لابن آدم من مقام * يكون به العزيز غدا ذليلا