ولما جزعنا الرمل رمل عنيزة * وناحت بأعلى الدوحتين حمام صبوت اشتياقا ثم قلت لصاحبي: ألا إنما نوح الحمام حمام تجهيز لبين أو تسل عن الهوى * فمالك من ليلي الغداة لمام وكيف يرجى النول عند بخيلة * تروم الثريا وهي ليس ترام؟!
مهفهفة الأعطاف أما جبينها * فصبح وأما فرعها فظلام 15 فيا ليت لي منها بلوغا إلى المنى * حلالا فإن لم يقض لي فحرام وهذه المعاني التي أودعها ابن العودي قصيدة مألوفة متعالمة بين الشعراء إلا أن نسج شعره عربي بحت يضفي على تلك المعاني ما لا يستطيعه النسج السابري، وقد نقل الصفدي أبياتا من هذه القصيدة ومن غيرها من شعر ابن العودي وذكر: أن شعره متوسط. ولا نرى في هذا الحكم حنقا فإنه متوسط حقا من حيث المعاني، ولكنه في حبكه وتأليفه من الطبقة الأولى فإن العرب تنظر إلى المباني قبل المعاني، بحكم ما في لغتها من موسيقي وجرس ورنين، وهذا لا يعني أنها تقر من النظم ما لا معنى له لأن شرط صحة المباني احتوائها على صحة المعاني كائنة ما كانت.
وقد نظم ابن العودي في الشعر المذهبي الذي أكثر منه السيد الحميري وابن حماد والعوني والناشي الأصغر وابن علوية الأصفهاني (1) والوراق القمي، ولما دخل ابن شهرآشوب العراق في أواسط القرن السادس ألفي شعر ابن العودي في المذهب تستهديه الآذان أفواه الشداة المنشدين فضمن كتابه مناقب آل أبي طالب شيئا منه و كثيرا من شعر الناظمين في المذهب، وبعد ترك ابن شهرآشوب العراق إلى الشام حدثت ببغداد فتن مذهبية ووثب الحنابلة كعادتهم بأعدائهم في المذهب فأحرقوا كتبهم و فيها دواوين شعرائهم واضطهدوهم اضطهادا فضيعا فضاع كل ذلك الأدب غثه وسمينه وصار طعمة للنار، والظاهر أن ذلك الضرب من النظم في شعر ابن العودي هو الذي حمل محب الدين محمدا المعروف بابن النجار البغدادي على أن يقول في ترجمة ابن العودي:
[كان رافضيا خبيثا يهجو الصحابة]. ومن شعر ابن العودي في إقامته مدة بواسط: