أبي النفس معتمدا بشعره والشاعر الأبي المسترفد لا يورثه إباؤه إلا الحرمان وإساءة الزمان. ومن شعره الذي نقله قطب الدين أبو يعلى محمد بن علي بن حمزة العلوي الأقساسي تغزله بامرأة نصف (أي متوسطة العمر):
أبى القلب إلا أم فضل وإن غدت * تعد من النصف الأخير لداتها لقد زادها عندي المشيب ملاحة * وإن زعم الواشي وساء عداتها فإن غيرت منها الليالي ففي الحشا * لها حرق ما تنطفي زفراتها فما نال منها الدهر حتى تكاملت * كمالا وأعيى الواصفين صفاتها سبتني بفرع فاحم وبمقلة * لها لحظات ما تفك عناتها وثغر زهت فيه ثنايا كأنها * حصى برد تشفى الصدار (1) شفاتها ولما التقينا بعد بعد من النوى * وقد حان نحوي بالسلام التفاتها رأيت عليها للجمال بقية * فعاد لنفسي في الهوى نشواتها وأنشد القاضي عبد المنعم بن مقبل الواسطي له:
هم أقعدوني في الهوى وأقاموا * وأبلوا جفوني بالسهاد وناموا وهم تركوني للعتاب دريئة * أؤنب في حبيهم وألام ولو أنصفوا في الحب قسمة بيننا (2) * لهاموا كما بي صبوة وهيام ولكنهم لما استدر لنا الهوى * كرمت بحفظي للوداد ولاموا 5 ولما تنادوا للرحيل وقوضت * لبينهم بالأبرقين خيام رميت بطرفي نحوهم متأملا * وفي القلب مني لوعة وضرام وعدت وبي مما أجن صبابة * لها بين أثناه الضلوع كلام إذا هاج بي وجد وشوق كأنما * تضمر أعشار الفؤاد سهام ولائمة في الحب قلت لها: اقصري * فمثلي لا يسلي هواه ملام 10 أأسلو الهوى بعد المشيب ولم يزل * يصاحبني مذ كنت وهو غلام؟!