على مرأى ومسمع ومشهد من الصحابة.
نعم: قد كان بحسب العلامة الأميني " هذا حين يحتج لحديث الغدير - غدير خم - وحين يحقق روايته وسنده... ولكنه ذهب في البحث عن " الغدير " وراء كل مذهب، وجاوز في تعمق الدرس والتقصي كل حد معروف عند المؤلفين حين يؤلفون، وعند الباحثين حين يبحثون...
نعم: لقد مضى " الأميني " الجليل في البحث على طريق وعر المسالك، متشعب النواحي، كثير المسائل، ولم يزده السير في الطريق إلا مواصلة في السير، كوجه البدر المنير يزيدك حسنا إذا ما زدته نظرا...
ورأينا كتاب " الغدير " يمتد به الطريق إلى أجزاء تسعة ضخام تبلغ من الصفحات بضعة آلاف... ولا يزال الكتاب ينتظر من صبر العلامة " عبد الحسين " وإكبابه و توفره على التنفير والتنقيب ما يمضي به إلى الغاية التي يستهدفها المؤلف، حتى يتم الكتاب على الوجه الذي يرضي عنه الله، والعلم الصحيح، والضمير السليم.
وقد يكون العلامة " الأميني " النجفي مشربا بحب الإمام علي وشيعته حين يبذل من ذات نفسه، وحين يبذل من ماء عينيه ما يبتغي به الوسيلة عند أهل البيت العلوي الكريم... وقد يكون في عمله هذا مستجيبا لنداء المذهب الذي يدين به...
فإن الحب يفرض على المحب من الالتزامات والارتباطات ما يسقط به وجه الاعتراض.
ولكن الحق الذي يجب أن يجهر به: أن العلامة الأستاذ " عبد الحسين الأميني " لم يكن محبا متعصبا، ولا ذا هوى متطرف جموح، وإنما كان عالما وضع علمه بجانب محبته لعلي وشيعته، وكان باحثا وضع أمانة العلم ونزاهة البحث فوق إعتبار العاطفة...
ولا يلام المرء حين يحب فيسرف في حبه، أو حين يهوي فيشتد به الهوى... ولكن اللوم يقع حين تميل دواعي الهوى بالمرء عن صحيح وجه الحق.. وما كان استاذنا الجليل في شئ من هذا، وإنما كان باحثا وراء الحقيقة، كاشفا النقاب عن وجهها، معنيا نفسه بالوصول إليها سافرة الوجه، واضحة المعالم.
ونجد في الجزء الأول من " الغدير " رواة الحديث من الصحابة رضي الله عنهم وقد رتبهم المؤلف وفق حروف الهجاء فبلغوا مائة وعشرة من أجلاء أصحاب الرسول