لما أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقوم بعلي فيقول له ما قال فقال: يا رب إن قومي حديث عهد بجاهلية (كذا في النسخ) ثم مضى بحجه فلما أقبل راجعا نزل بغدير خم. الحديث.
ومر ص 217: لما جاء جبرئيل بأمر الولاية ضاق النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ذرعا وقال: قومي حديثو عهد بالجاهلية فنزلت: يا أيها الرسول. الآية.
هذه كلها تنم عن نبأ عظيم كان يخشى في بثه بوادر أهل النفاق وتكذيبهم، فالذي كان يحاذره صلى الله عليه وسلم ويتحقق به القول بأنه حابى ابن عمه يستدعي أن يكون أمرا يخص أمير المؤمنين لا شيئا يشاركه فيه المسلمون أجمع من النصرة والمحبة وما هو إلا الأولوية بالأمر وما جرى مجراها من المعاني.
11 - جاء في أسانيد متكثرة: التعبير عن موقوف يوم الغدير بلفظ النصب فمر ص 57 عن عمر بن الخطاب: نصب رسول الله عليا علما. و 165 عن علي عليه السلام أمر الله نبيه - ينصبني للناس. وفي قوله الآخر في رواية العاصمي كما تأتي: نصبني علما. ومر ص 199 عن الإمام الحسن السبط: أتعلمون أن رسول الله نصبه يوم غدير خم. وص 200 عن عبد الله بن جعفر: ونبينا قد نصب لأمته أفضل الناس وأولاهم وخيرهم بغدير خم. وص 208 عن قيس بن سعد: نصبه رسول الله بغدير خم. وص 219 عن ابن عباس وجابر: أمر الله محمدا أن ينصب عليا للناس فيخبرهم بولايته. وص 231 عن أبي سعيد الخدري: لما نصب رسول الله عليا يوم غدير خم فنادى له بالولاية.
فإن هذا اللفظ يعطينا خبرا بإيجاد مرتبة للإمام عليه السلام في ذلك اليوم لم تكن تعرف له من قبل غير المحبة والنصرة المعلومتين لكل أحد والثابتتين لأي فرد من أفراد المسلمين، على ما ثبت من إطراد استعماله في جعل الحكومات، وتقرير الولايات، فيقال: نصب السلطان زيدا واليا على القارة الفلانية، ولا يقال: نصبه رعية له أو محبا أو ناصرا أو محبوبا أو منصورا به على زنة ما يتساوى به أفراد المجتمع الذين هم تحت سيطرة ذلك السلطان.
مضافا إلى مجيئ هذا اللفظ في غير واحد من الطرق مقرونا بلفظ الولاية أو متلوا بكونه للناس أو للأمة. وبذلك كله تعرف أن المرتبة المثبتة له هي الحاكمية المطلقة على الأمة جمعاء، وهي معنى الإمامة الملازمة للأولوية المدعاة في معنى المولى، و