بمعنى الأولى، بخلاف ما إذا كان المراد به المحب أو الناصر فإنه حينئذ لم يعلم إلا أن عليا عليه السلام محب من يحبه رسول الله صلى الله عليه وآله أو ينصر من ينصره، فيناسب إذن أن يكون الدعاء له إن قام بالمحبة أو النصرة لا للناس عامة إن نهضوا بموالاته، وعليهم إن تظاهروا بنصب العداء له، إلا أن يكون الغرض بذلك تؤكيد الصلاة الودية بينه وبين الأمة إذا علموا أنه يحب وينصر كل فرد منهم في كل حال وفي كل زمان كما أن النبي صلى الله عليه وآله كذلك فهو يخلفه عليهما، وبذلك يكون لهم منجاة من كل هلكة، ومأوى من كل خوف، وملجأ من كل ضعة، شأن الملوك ورعاياهم، والأمراء والسوقة، فإنهما في النبي صلى الله عليه وآله على هذه الصفة، فلا بد أن يكونا فيمن يحذو حذوه أيضا كذلك وإلا لاختل سياق الكلام، فالمعنى على ما وصفناه بعد المماشات مع القوم متحد مع معنى الإمامة، و مؤد مفاد الأولى.
وللحديث ألفاظ أثبتها حفاظ الحديث متصلة به في مختلف تخريجاتهم لا تلتئم إلا مع المعنى الذي حاولنا من المولى.
* (القرينة الثالثة) *: قوله صلى الله عليه وآله، يا أيها الناس؟ بم تشهدون؟
قالوا: نشهد أن لا إله إلا الله، قال: ثم مه؟ قالوا: وأن محمدا عبده ورسوله، قال:
فمن وليكم؟ قالوا: الله ورسوله مولانا. ثم ضرب بيده إلى عضد علي فأقامه فقال: من يكن الله ورسوله مولاه فإن هذا مولاه. الحديث.
هذا لفظ جرير وقريب منه لفظ أمير المؤمنين عليه السلام ولفظ زين بن أرقم وعامر بن ليلى، وفي لفظ حذيفة بن أسيد بسند صحيح: ألستم تشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله؟ (إلى أن قال): قالوا: بلى نشهد بذلك. قال: اللهم؟
اشهد، ثم قال: يا أيها الناس إن الله مولاي وأنا مولى المؤمنين وأنا أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه فهذا مولاه. يعني عليا. (1) فإن وقوع الولاية في سياق الشهادة بالتوحيد والرسالة وسردها عقيب المولوية المطلقة لله سبحانه ولرسوله من بعده لا يمكن إلا أن يراد بها معنى الإمامة الملازمة