ولو كان يرى لهم نصيبا من الأمر فلماذا أخر البيان عن وقت الحاجة؟ وهو أهم فرايض الدين، وأصل من أصوله، وبطبع الحال أن الآراء في مثله تتضارب [كما تضاربت] وقد يتحول الجدال جلادا، والحوار قتالا، فبأي مبرر ترك نبي الرحمة أمته سدى في أعظم معالم الدين.
لم يفعل نبي الرحمة ذلك، ولكن حسن ظن القوم بالسلف الماضين العاملين في أمر الخلافة، المتوثبين على صاحبها لحداثة سنه وحبه بني عبد المطلب كما مر ص 389 حداهم إلى أن يزحزحوا مفاد النص إلى ظرف الخلافة الصورية، ولكن حسن اليقين برسول الله صلى الله عليه وآله يلزمنا بالقول بأنه لم يترك واجبه من البيان الوافي لحاجة الأمة. هدانا الله إلى سواء السبيل.
* (القربات يوم الغدير) * بما أن هذا اليوم يوم أكمل الله به الدين، وأتم النعمة على عباده، حيث رضي بمولانا أمير المؤمنين إماما عليهم، ونصبه علما للهدى، يحدو بالأمة إلى سنن السعادة وصراط حق مستقيم، ويقيهم عن مساقط الهلكة ومهاوي الضلال، فلن تجد بعد يوم المبعث النبوي يوما قد أسبغت فيه النعم ظاهرة وباطنة، وشملت الرحمة الواسعة، أعظم من هذا اليوم الذي هو فرع ذلك الأساس المقدس ومسدد تلك الدعوة القدسية.
كان من واجب كل فرد من أفراد الملأ الديني القيام بشكر تلكم النعم بأنواع من مظاهر الشكر، والتزلف إليه سبحانه بما يتسنى له من القرب من صلاة وصوم وبر وصلة رحم وإطعام واحتفال باليوم بما يناسب الوقت والمجتمع، وفي المأثور من ذلك أشياء منها: الصوم.
* (حديث صوم يوم الغدير) * أخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي المتوفى 463 في تاريخه 8 ص 290 عن عبد الله بن علي بن محمد بن بشران، عن الحافظ علي بن عمر الدارقطني، عن أبي نصر حبشون الخلال، عن علي بن سعيد الرملي، عن ضمرة بن ربيعة، عن عبد الله بن شوذب، عن مطر الوراق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة قال قال: من صام يوم ثمان عشر