فهموها من نص رسول الله صلى الله عليه وآله.
وهذا المعنى غير خاف حتى على المخدرات في الحجال فقد أسلفنا ص 208 عن الزمخشري في ربيع الأبرار عن الدارمية الحجونية التي سألها معاوية عن سبب حبها لأمير المؤمنين عليه السلام وبغضها له فاحتجت عليه بأشياء منها: إن رسول الله عقد له الولاية بمشهد منه يوم غدير خم، وأسند بغضها له إلى أنه قاتل من هو أولى بالأمر منه وطلب ما ليس له. ولم ينكره عليها معاوية.
وقبل هذه كلها مناشدة أمير المؤمنين عليه السلام واحتجاجه به يوم الرحبة وقد أوقفناك على تفصيل أسانيده وطرقه الصحيحة المواترة ص 166 - 185، وكان ذلك لما نوزع في خلافته وبلغه اتهام الناس له فيما كان يرويه من تفضيل رسول الله صلى الله عليه وآله له وتقديمه إياه على غيره كما مر ص 183 و 300 و 301 و 304 و 309، وقال برهان الدين الحلبي في سيرته 3 ص 303: احتج به بعد أن آلت إليه الخلافة ردا على من نازعه فيها. أفترى والحالة هذه معنى معقولا للمولى غير ما نرتأيه وفهمه هو عليه السلام ومن شهد له من الصحابة ومن كتم الشهادة إخفاءا لفضله حتى رمي بفاضح من البلاء، ومن نازعه حتى أفحم بتلك الشهادة؟ وإلا فأي شاهد له في المنازعة بالخلافة في معنى الحب والنصرة وهما يعمان ساير المسلمين؟ إلا أن يكونا على الحد الذي سنصفه إنشاء الله وهو معنى الأولوية المطلوبة.
والواقف على موارد الحجاج بين أفراد الأمة وفي مجتمعاتها وفي تضاعيف الكتب منذ ذلك العهد المتقادم إلى عصورنا هذه جد عليم بأن القوم لم يفهموا من الحديث إلا المعنى الذي يحتج به للإمامة المطلقة وهو الأولوية من كل أحد بنفسه وماله في دينه ودنياه الثابت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وآله وللخلفاء المنصوصين عليهم من بعده، نحيل الوقوف على ذلك على حيطة الباحث وطول باع المتتبع فلا نطيل بإحصاؤها المقام.
* (مفعل بمعنى أفعل) * أما إن لفظ مولى يراد به لغة الأولى، أو إنه أحد معانيه، فناهيك من البرهنة