وفيه أخرى هي خير من ذلك (1) كله، فقال له أبي: وما هي بأبي أنت وأمي؟
قال: يخرج الله تعالى منه غوث هذه الأمة وغياثها وعلمها ونورها وفهمها وحكمها، خير مولود وخير ناشئ، يحقن الله به الدماء، ويصلح به ذات البين، ويلم به الشعث، ويشعب به الصدع، ويكسو به العاري، ويشبع به الجائع، ويؤمن به الخائف، وينزل به القطر، ويأتمر له العباد، خير كهل، وخير ناشئ، يبشر (2) به عشيرته قبل أوان حلمه، قوله حكم، وصمته علم، يبين للناس ما يختلفون فيه... الخ (3).
أمه عليه السلام: أم ولد يقال لها أم البنين، واسمها نجمة، ويقال لها: تكتم أيضا، اشترتها حميدة المصفاة أم موسى عليه السلام، وكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها (4).
روي أن حميدة رأت في المنام رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول لها: يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى عليه السلام، فإنه سيولد له منها خير أهل الأرض، فوهبتها له، فلما ولدت له الرضا عليه السلام سماها الطاهرة (5). وفي الدر النظيم لجمال الدين يوسف بن حاتم العاملي تلميذ المحقق، رحمهما الله قال في ذكر الرضا عليه السلام: أمه أم ولد يقال لها: تكتم، قال أبو الحسن موسى عليه السلام لما ابتاع هذه الجارية لجماعة من أصحابه: والله ما اشتريت هذه الجارية (6) إلا بأمر الله ووحيه، فسئل عن ذلك، فقال: بينا أنا نائم إذ أتاني جدي وأبي عليهما السلام، ومعهما شقة حرير فنشراها، فإذا قميص وفيه صورة هذه الجارية.
فقالا: يا موسى ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك، ثم أمراني إذا ولدته أن اسميه عليا، وقالا [لي]: إن الله عز وجل سيظهر به العدل .