ما بين هذين الوقتين فإنهم لا ينطقون ولا يفترون عن البكاء والدعاء، ولا تشغلونهم في هذين الوقتين عن أصحابهم فإنما 1 شغلهم بكم إذا نطقتم.
قلت: جعلت فداك وما الذي يسألونهم عنه، وأيهم يسأل صاحبه: الحفظة أو أهل الحائر؟ قال: أهل الحائر يسألون الحفظة، لان أهل الحائر من الملائكة لا يبرحون، والحفظة تنزل وتصعد، قلت: فما ترى يسألونهم عنه؟ قال: إنهم يمرون إذا عرجوا بإسماعيل صاحب الهواء فربما وافقوا النبي صلى الله عليه وآله وعنده فاطمة 2 والحسن والحسين والأئمة من مضى منهم فيسألونهم عن أشياء وعمن حضر منكم الحائر، ويقولون:
بشروهم بدعائكم، فتقول الحفظة: كيف نبشرهم وهم لا يسمعون كلامنا؟ فيقولون لهم: باركوا عليهم وادعوا لهم عنا فهي البشارة منا، وإذا انصرفوا فحفوهم بأجنحتكم حتى يحسوا مكانكم وإنا نستودعهم الذي لا تضيع ودائعه.
ولو يعلموا ما في زيارته من الخير، ويعلم ذلك الناس لاقتتلوا على زيارته بالسيوف، ولباعوا أموالهم في إتيانه، وإن فاطمة عليها السلام إذا نظرت إليهم ومعها ألف نبي وألف صديق وألف شهيد ومن الكروبيين ألف ألف يسعدونها على البكاء، وإنها لتشهق شهقة فلا يبقى في السماوات ملك إلا بكى رحمة لصوتها، وما تسكن حتى يأتيها النبي صلى الله عليه وآله فيقول: يا بنية قد أبكيت أهل السماوات وشغلتهم عن التقديس والتسبيح، فكفي حتى يقدسوا فإن الله بالغ أمره، وإنها لتنظر إلى من حضر منكم، فتسأل الله لهم من كل خير، ولا تزهدوا في إتيانه فإن الخير في إتيانه أكثر من أن يحصى 3.