أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون * وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والاذن بالاذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون * وقفينا على آثارهم بعيسى بن مريم مصدقا لما بين يديه من التورية وآتيناه الإنجيل " (1).
[ومثل ذلك الظهار] في كتاب الله تعالى فان العرب كانت إذا ظاهر رجل منهم امرأته حرمت عليه إلى آخر الأبد، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وآله كان بالمدينة رجل من الأنصار يقال له: أوس بن الصامت وكان أول رجل ظاهر في الاسلام وكان كبير السن به ضعف فجرى بينه وبين أهله كلام، وكانت امرأته يسمى خولة بنت ثعلبة الأنصاري فقال لها أوس: أنت علي كظهر أمي، ثم إنه ندم على ما كان منه، وقال: ويحك إنا كنا في الجاهلية نحرم علينا الأزواج في مثل هذا من قبل الاسلام، فلو أتيت رسول الله صلى الله عليه وآله تسأله عن ذلك.
فجاءت خولة بنت ثعلبة إلى رسول الله فقالت: يا رسول الله زوجي ظاهر مني وهو أبو أولادي وابن عمي قد كان هذا الظهار في الجاهلية يحرم الزوجات على الأزواج أبدا، فقال لها: ما أظنك إلا أن حرمت عليه إلى آخر الأبد فجزعت جزعا شديدا وبكت ثم قامت فرفعت يديها إلى السماء وقالت: " إلى الله أشكو فراق زوجي، فرحمها أهل البيت، وبكوا لبكائها، فأنزل الله على نبيه " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير " إلى قوله: " والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ذلكم يوعظ به والله بما تعملون خبير * فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فاطعام ستين مسكينا " (2) فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله:
قولي لأوس بن الصامت زوجك يعتق نسمة، فقالت: يا رسول الله وأنى له نسمة