ومثله قوله تعالى: " وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون " ثم بداله " وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام " (1) وكقوله: " إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا " ثم بداله تعالى، فقال: " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن الله والله مع الصابرين " (2) وهكذا يجري الامر في الناسخ والمنسوخ وهو يدل على تصحيح البداء وقوله: " يمحوا الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب " (3) فهل يمحو إلا ما كان، وهل يثبت إلا ما لم يكن، ومثل هذا كثير في كتاب الله عز وجل.
وأما الرد على من أنكر الثواب والعقاب في الدنيا، وبعد الموت قبل القيامة فيقول الله تعالى: " يوم يأتي لا تكلم نفس إلا باذنه فمنهم شقى وسعيد * فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض " الآية " وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك " (4) يعني السماوات والأرض قبل القيامة، فإذا كانت القيامة بدلت السماوات والأرض.
ومثل قوله تعالى: " ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون " (5) وهو أمر بين أمرين، وهو الثواب والعقاب بين الدنيا والآخرة.
ومثل قوله تعالى: " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة " (6) والغدو والعشي لا يكونان في القيامة التي هي دار الخلود، وإنما يكونان في الدنيا.
وقال الله تعالى في أهل الجنة " ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا " (7) والبكرة والعشي إنما يكونان من الليل والنهار في جنة الحياة قبل يوم القيامة