أظهروا الاسلام وأسروا النفاق، وهم ثلاثة إخوة، يقال لهم: بشر ومبشر وبشير وكان بشر يكنى أبا طعمة، وكان رجلا حثيثا شاعرا قال: فنقبوا على رجل من الأنصار يقال له: رفاعة بن زيد بن عامر، وكان عم قتادة بن النعمان الأنصاري وكان قتادة ممن شهد بدرا، فأخذوا طعاما كان قد أعده لعياله وسيفا ودرعا.
فقال رفاعة لابن أخيه قتادة: إن بني أبيرق قد فعلوا بي كذا، فلما بلغ بني أبيرق ذلك جاؤوا إليهما وقالوا لهما: إن هذا من عمل لبيد بن سهل، وكان لبيد بن سهل رجلا صالحا شجاعا بطلا إلا أنه فقير لا مال له، فبلغ لبيدا قولهم فأخذ سيفه وخرج إليهم فقال لهم: يا بني أبيرق أترموني بالسرقة، وأنتم أولى به مني، والله لتبينن ذلك أو لأمكنن سيفي منكم، فلا يزالوا يلاطفونه حتى رجع عنهم وقالوا له: أنت برئ من هذا.
فجاء قتادة بن النعمان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له: بأبي أنت وأمي إن أهل بيت منا نقبوا على عمي وأخذوا له كذا وكذا، وهم أهل بيت سوء وذكرهم بقبيح فبلغ ذلك بني أبيرق فمشوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ومعهم رجل من بني عمهم يقال له: أشتر بن عروة (1) وكان رجلا فصيحا خطيبا فقال: يا رسول الله إن قتادة بن النعمان عمد إلى أهل بيت منا لهم حسب ونسب وصلاح، فرماهم بالسرق وذكرهم بالقبيح وقال فيهم غير الواجب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن كان ما قلته حقا فبئس ما صنع.
فاغتم قتادة من ذلك ورجع إلى عمه فقال: يا ليتني مت ولم أكن كلمت رسول الله صلى الله عليه وآله في هذا، فأنزل الله تعالى: " إنا أنزلنا إليك الكتاب لتحكم بين الناس بما أريك الله ولا تكن للخائنين خصيما * واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما * ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما " إلى قوله: " وكان فضل الله عليك عظيما " (2).
ومثله أن قريشا كانوا إذا حجوا وقفوا بالمزدلفة، ولم يقفوا بعرفات