تعالى " ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين " (1).
وأما الكفر المذكور في كتاب الله تعالى فخمسة وجوه: منها كفر الجحود ومنها كفر فقط، والجحود ينقسم على وجهين، ومنها كفر الترك لما أمر الله تعالى به، ومنه كفر البراءة، ومنها كفر النعيم.
فأما كفر الجحود فأحد الوجهين منه جحود الوحدانية، وهو قول من يقول: لا رب ولا جنة ولا نار ولا بعث ولا نشور، وهؤلاء صنف من الزنادقة وصنف من الدهرية الذين يقولون: " وما يهلكنا إلا الدهر " وذلك رأي وضعوه لأنفسهم، استحسنوه بغير حجة، فقال الله تعالى: إن هم إلا يظنون " (2) وقال: " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون " (3) أي لا يؤمنون بتوحيد الله.
والوجه الآخر من الجحود هو الجحود مع المعرفة بحقيقته، قال تعالى:
" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " (4) وقال سبحانه: " وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جائهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين " (5) أي جحدوه بعد أن عرفوه.
وأما الوجه الثالث من الكفر، فهو كفر الترك لما أمرهم الله به، وهو من المعاصي قال الله سبحانه: " وإذا أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون - إلى قوله - أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض " (6) فكانوا كفارا لتركهم ما أمر الله تعالى، به فنسبهم إلى الايمان باقرارهم بألسنتهم على الظاهر دون الباطن، فلم ينفعهم ذلك لقوله تعالى:
" فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا " (7) إلى آخر الآية.