ويتصل به.
فكانت الشيعة إذا تفرغت من تكاليفها تسأله عن قسم قسم فيخبرها، فمما سألوه عن الناسخ والمنسوخ، فقال صلوات الله عليه: إن الله تبارك وتعالى بعث رسوله صلى الله عليه وآله بالرأفة والرحمة، فكان من رأفته ورحمته أنه لم ينقل قومه في أول نبوته عن عادتهم، حتى استحكم الاسلام في قلوبهم، وحلت الشريعة في صدورهم، فكانت من شريعتهم في الجاهلية أن المرأة إذا زنت حبست في بيت وأقيم بأودها حتى يأتي الموت، وإذا زنى الرجل نفوه عن مجالسهم وشتموه وآذوه وعيروه ولم يكونوا يعرفون غير هذا.
قال الله تعالى في أول الاسلام: " واللاتي يأتين الفاحشة من نساءكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم فان شهدوا فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا * واللذان يأتيانها منكم فآذوهما فان تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما فان الله كان توابا رحيما " (1).
فلما كثر المسلمون وقوي الاسلام، واستوحشوا أمور الجاهلية، أنزل الله تعالى: " الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة " (2) إلى آخر الآية فنسخت هذه الآية آية الحبس والأذى.
ومن ذلك أن العدة كانت في الجاهلية على المرأة سنة كاملة وكان إذا مات الرجل ألقت المرأة خلف ظهرها شيئا - بعرة وما جرى مجريها - ثم قالت: البعل أهون علي من هذه، فلا أكتحل ولا أمتشط ولا أتطيب ولا أتزوج سنة، فكانوا لا يخرجونها من بيتها بل يجرون عليها من تركة زوجها سنة، فأنزل الله تعالى في أول الاسلام " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج " (3) فلما قوي الاسلام، أنزل الله تعالى " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا بلغن أجلهن فلا