وروي السكوني، عن الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم ودعوة المظلوم، فإنها ترفع فوق السحاب حتى ينظر الله إليها، فيقول: ارفعوها حتى أستجيب له، وإياكم ودعوة الوالد فإنها أحد من السيف.
وعن الصادق عليه السلام: ثلاث دعوات لا يحجبن عن الله عز وجل: دعاء الوالد لولده، إذا بره، وعليه إذا عقه، ودعاء المظلوم على ظالمه، ودعاؤه لمن انتصر له منه، ورجل مؤمن دعا لأخيه المؤمن إذا واساه فينا، ودعاؤه عليه إذا لم يواسه مع القدرة عليه، واضطرار أخيه إليه.
قال الشيخ ابن سينا: سبب إجابة الدعاء توافي الأسباب معا لحكمة إلهية وهو أن يتوافى سبب دعاء رجل فيما يدعو فيه، وسبب وجود ذلك الشئ معا عن الباري فان قيل: فهل يصح وجود ذلك الشئ من دون الدعاء، وموافاته لذلك الدعاء؟ قلنا: لا، لان علتهما واحدة، وهو الباري الذي جعل سبب وجود ذلك الشئ الدعاء كما جعل سبب صحة المريض شرب الدواء، وما لم يشرب الدواء لم يصح، وكذلك الحال في الدعاء وموافاة ذلك الشئ فلحكمة ما توافيا معا على حسب ما قدر وقضا، فالدعاء واجب وتوقع الإجابة واجب، فان انبعاثها للدعاء يكون سببه من هناك ويصير الدعاء سببا للإجابة، وموافاة الدعاء لحدوث الامر المدعو لأجله هما معلولا علة واحدة، وربما يكون أحدهما بواسطة الآخر.
وقد يتوهم أن السماويات تنفعل من الأرضية، وذلك أنا ندعوها فتستجيب لنا، ونحن معلولها وهي علتنا، والمعلول لا تفعل في العلة البتة، وإنما سبب الدعاء من هناك أيضا لأنها تبعثنا على الدعاء، وهما معلولا علة واحدة، وإذا لم يستجب الدعاء لذلك الرجل، وإن كان يرى الغاية التي يدعو لأجلها نافعة فالسبب فيه أن الغاية النافعة إنما يكون بحسب نظام الكل، لا بحسب مراد ذلك الرجل، فربما لا تكون الغاية بحسب مراده نافعة، ولذلك لا يصح استجابة دعائه.
والنفس الزكية عند الدعاء قد يفيض عليها من الأول قوة تصير بها مؤثرة