فلما قدما إلى المدينة أخذا المتاع والآنية والقلادة، فسألوهما هل مرض صاحبنا مرضا طويلا أنفق نفقة واسعة؟ قالا: ما مرض إلا أياما قلائل، قالوا:
فهل سرقت منه شئ من متاعه في سفره هذا؟ قالا: لا، لم يسرق منه شئ قالوا: فهل اتجر معكما في سفره تجارة خسر فيها؟ قالا: لم يتجر في شئ، قالوا: فانا افتقدنا أفضل شئ كان معه آنية منقوشة بالذهب، وقلادة من ذهب، فقالا: أما الذي دفعه إلينا فقد أديناه إليكم، فقدموهما إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأوجب عليهما اليمين، فحلفا وخلى سبيلهما.
ثم إن تلك الآنية والقلادة ظهرت عليهما، فجاء أولياء تميم إلى رسول الله فأخبروه، فأنزل الله عز وجل " يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت " (1) فأطلق سبحانه شهادة أهل الكتاب على الوصية فقط إذا كان ذلك في السفر، ولم يجدوا أحدا من المسلمين عند حضور الموت.
ثم قال تعالى: " تحبسونهما من بعد الصلاة " يعني صلاة العصر (2) فيقسمان بالله أنهما أحق بذلك يعني تعالى يحلفان بالله أنهما أحق بهذه الدعوى منهما، فإنهما كذبا فيما حلفا و " لشهادتنا أحق من شهادتهما وما اعتدينا إنا إذا لمن الظالمين ".
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله أولياءهم أن يحلفوا بالله على ما ادعوه، فحلفوا، فلما حلفوا أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله الآنية والقلادة من ابن مندي وابن أبي مارية وردهما إلى أولياء تميم.