وكان تلبيتهم إذا أحرموا في الجاهلية " لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك " فجاءهم إبليس في صورة شيخ وقال لهم: ليس هذا تلبية أسلافكم قالوا: كيف كانت تلبية أسلافنا؟ فقال: كانت اللهم لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك، والملك لك لا شريك لك إلا شريكا هو لك.
فنفرت قريش من قوله، فقال: لا تنفروا من قولي وعلى رسلكم حتى آتي آخر كلامي، فقالوا له: قل، فقال: إلا شريك لك هو لك، تملكه وما ملك.
ألا ترون أنه تملك الشريك والشريك لا يملكه، فرضيت قريش بذلك فلما بعث الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله نهاهم عن ذلك، وقال: إن هذا شريك، فقالوا: ليس بشريك لأنه لا يملكه وما ملك، فأنزل الله سبحانه " ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء " (1) إلى آخر الآية فأعلمهم أنهم لا يرضون بهذا فكيف ينسبون إلى الله.
ومثله حديث تميم الداري مع ابن مندي وابن أبي مارية وما كان من خبرهم في السفر، وكانا رجلين نصرانيين وتميم الداري رجل من رؤوس المسلمين (2).
خرجوا في سفر لهم، وكان مع تميم الداري خرج له فيه متاع وآنية منقوشة بالذهب، وقلادة من ذهب أخرج معه ليبيعه في بعض أسواق العرب، فلما فصلوا عن المدينة اعتل تميم علة شديدة فلما حضرته الوفاة، دفع جميع ما كان معه إلى ابن مندى وابن أبي مارية وأمرهما أن يوصلاه إلى أهله وذريته.