فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله بالمسير فقال أصحابه: والله ما هذا وقت مسير، وإن ذلك الامر حدث، ولما بلغ الأنصار ما قاله زيد بن أرقم لرسول الله صلى الله عليه وآله لحق به سعد بن عبادة وقال: يا رسول الله إن زيد بن أرقم كذب على عبد الله بن أبي بن سلول وإن كان عبد الله قال شيئا من هذا فلا تلمه فان كنا نظمنا له الجزع اليماني تاجا له لنتوجه فيكون ملكا علينا، فلما وافيت يا رسول الله رأى أنك غلبته على أمر قد كان استتب له.
ثم أقبل سعد على زيد فقال: يا زيد عمدت إلى شريفنا فكذبت عليه، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله المنزل الثاني مشى قوم عبد الله بن أبي بن سلول إليه فقالوا له: امض إلى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يستغفر لك، فلوى عبد الله بن أبي بن سلول عنقه واستهزأ، فلم يزالوا به حتى صار معهم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فحلف لرسول الله صلى الله عليه وآله أنه لم يقل من ذلك شيئا، وأن زيد بن أرقم كذب عليه.
فأنزل الله تعالى " إذا جائك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون * اتخذوا أيمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله إنهم ساء ما كانوا يعملون " إلى قوله: " سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم " إلى آخر السورة وهذا أبواب التنزيل والتأويل.
وأما الرد على من أنكر خلق الجنة والنار فقال الله تعالى: " عند سدرة المنتهى * عندها جنة المأوى " (2) وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: دخلت الجنة فرأيت فيها قصرا من ياقوت أحمر، يرى داخله من خارجه، وخارجه من داخله من نوره فقلت: يا جبرئيل! لمن هذا القصر؟ فقال: لمن أطاب الكلام، وأدام الصيام وأطعم الطعام، وتهجد بالليل والناس نيام.
فقلت: يا رسول الله وفي أمتك من يطيق هذا؟ فقال لي: ادن مني فدنوت فقال: ما تدري ما إطابة الكلام؟ فقلت: الله ورسوله أعلم، فقال: هو سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أتدري ما إدامة الصيام؟ فقال: الله أعلم