السابعة قال: يا محمد تقدم فإنك قد وطئت موطئا لم يطأ قبلك ملك مقرب، ولا نبي مرسل، فلولا أن روحه كانت من ذلك المكان لم يقدر أن يتجاوزه، وذلك أنه إذا أمر الله تعالى فأول ما يصل أمره إلى رسول الله صلى الله عليه وآله لقربه إلى ملكوته، ثم سائر الأنبياء على طبقاتهم.
ويزيد ذلك بيانا قوله تعالى: " وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى بن مريم " (1) فأفضل الأنبياء الخمسة، وأفضل الخمسة محمد صلى الله عليه وآله وعليهم أجمعين، قال الله تعالى: " إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين * مطاع ثم أمين " (2).
والدليل على أنه أفضل الأنبياء أن الله سبحانه أخذ ميثاقه على سائر الأنبياء فقال سبحانه: " وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جائكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين " (3) فهذا بيان فضل رسول الله صلى الله عليه وآله على سائر المرسلين والنبيين، ونطق به الكتاب.
ولما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله إلى السماء الرابعة، ودخل إلى البيت المعمور جمع الله عز وجل له من النبيين من آدم فهلم حتى صلى بهم، قال الله تعالى:
" واسئل من أرسلنا قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون " (4) وفي هذا مقنع لمن تأمله.
وأما عصمة الأنبياء والمرسلين والأوصياء عليهم السلام فقد قيل في ذلك أقاويل تختلف قال بعض الناس: هو مانع من الله تعالى يمنعهم عن المعاصي فيما فرض الله عليهم من التبليغ عنه إلى خلقه، وهو فعل الله دونهم، وقال آخرون: العصمة من فعلهم لأنهم يحمدون عليها، وقال آخرون: يجوز على الأنبياء والمرسلين والأوصياء