إلا الدية أو القتل، فان رضيتم بذلك وإلا بيننا وبينكم محمد نتحاكم إليه جميعا.
قال: فبعث بنو النضير إلى عبد الله بن أبي بن سلول وكان رأس المنافقين فقالوا:
قد علمت ما بيننا من الحلف والموادعة، وقد كنا لكم يا معاشر الأنصار من الخزرج أنصارا على من آذاكم وقد امتنعت علينا بنو قريظة بما شرطناه عليهم، ودعوناه إلى حكم محمد وقد رضينا به، فاسأله أن لا ينقض شرطنا فقال لهم عبد الله بن أبي ابن سلول: ابعثوا إلى رجلا منكم ليحضر كلامي وكلام محمد فان علمتم أنه يحكم لكم ويقركم على ما كنتم عليه، فارضوا به، وإن لم يفعل فلا ترضوه لحكمه.
وجاء عبد الله بن أبي بن سلول إلى رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه رجل من اليهود فقال: يا رسول الله إن هؤلاء اليهود لهم العدد والعدة والمنعة وقد كانوا كتب بينهم كتاب شرط اتفقوا عليه فيما بينهم، ورضوا جميعا به، وهم صائرون إليك فلا تنقض عليهم شرطهم، فاغتم من كلامه ولم يجبه ودخل صلى الله عليه وآله منزله.
فأنزل الله عليه " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم " (1) يعني تعالى عبد الله بن أبي بن سلول ثم قال سبحانه: " ومن الذين هادوا سماعون للكذب سماعون لقوم آخرين " يعني به الرجل اليهودي الذي وافى مع عبد الله بن أبي بن سلول ليسمع ما يقول رسول الله صلى الله عليه وآله من الجواب لعبد الله، وقال: " لم يأتوك يحرفون الكلم عن مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا أولئك الذين لم يرد الله أن يطهر قلوبهم لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم " إلى قوله تعالى: " فلن يضروك شيئا ".
وجعل سبحانه الامر إلى رسوله إن شاء أن يحكم حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم، ثم قال تعالى: " وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط إن الله يحب المقسطين * وكيف يحكمونك وعندهم التورية فيها حكم الله ثم يتولون من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين * إنا أنزلنا التورية فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين