وفي هذا أوضح دليل على أنه لابد للأمة من إمام يقوم بأمرهم، فيأمرهم وينهاهم، ويقيم فيهم الحدود ويجاهد العدو ويقسم الغنايم، ويفرض الفرائض، ويعرفهم أبواب ما فيه صلاحهم، ويحذرهم ما فيه مضارهم، إذ كان الأمر والنهي أحد أسباب بقاء الخلق، وإلا سقطت الرغبة والرهبة، ولم يرتدع، ولفسد التدبير وكان ذلك سببا لهلاك العباد في أمر البقاء والحياة في الطعام الشراب والمساكن والملابس والمناكح من النساء والحلال والحرام والأمر والنهي إذ كان سبحانه لم يخلقهم بحيث يستغنون عن جميع ذلك، ووجدنا أول المخلوقين وهو آدم عليه السلام لم يتم له البقاء والحياة إلا بالأمر والنهي قال الله عز وجل " يا آدم أسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة " (1) فدلاهما على ما فيه نفعهما وبقاؤهما ونهاهما عن سبب مضرتهما، ثم جرى الأمر والنهي في ذريتهما إلى يوم القيامة ولهذا اضطر الخلق إلى أنه لابد لهم من إمام منصوص عليه من الله عز وجل يأتي بالمعجزات، ثم يأمر الناس وينهاهم.
وإن الله سبحانه خلق الخلق على ضربين: ناطق عاقل فاعل مختار، وضرب مستبهم فكلف الناطق العاقل المختار، وقال سبحانه: " خلق الانسان * علمه البيان " (2).
وقال سبحانه " اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الانسان من علق * اقرأ وربك الأكرم * الذي علم بالقلم * علم الانسان ما لم يعلم " (3) ثم كلف، ووضع التكليف عن المستبهم لعدم العقل والتمييز.
وأما وضع الأسماء، فإنه تبارك وتعالى اختار لنفسه الأسماء الحسنى فسمى نفسه " الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر " (4).
وغير ذلك، وكل اسم يسمى به فلعلة ما، ولما تسمى بالملك أراد تصحيح معنى الاسم لمقتضى الحكمة، فخلق الخلق وأمرهم ونهاهم ليتحقق حقيقة الاسم ومعنى