العلة وقعت الاختلاف، وزال الايتلاف، لمخالفتهم الله تعالى.
قال الله سبحانه: " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين " (1) ثم جعل للصادقين علامات يعرفون بها، فقال تعالى: " التائبون العابدون " (2) إلى آخره ووصفهم أيضا فقال سبحانه: " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون " (3) إلى آخر الآية في مواضع كثيرة من الكتاب العزيز، ولا يصح أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحافظ على حدود الله سبحانه إلا العارف بالأمر والنهي، دون الجاهل بهما.
فأما ما جاء في القرآن من ذكر معايش الخلق وأسبابها فقد أعلمنا سبحانه ذلك من خمسة أوجه: وجه الإشارة، ووجه العمارة، ووجه الإجارة ووجه التجارة ووجه الصدقات.
وأما وجه الإشارة فقوله تعالى: " واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين " (4) الآية فجعل الله لهم خمس الغنائم، والخمس يخرج من أربعة وجوه من الغنائم التي يصيبها المسلمون من المشركين، ومن المعادن، ومن المكنوز، ومن الغوص، ثم جزء هذه الخمس على ستة أجزاء فيأخذ الامام عنها سهم الله تعالى وسهم الرسول وسهم ذي القربى عليهم السلام ثم يقسم الثلاثة سهام الباقية بين يتامى آل محمد ومساكينهم وأبناء سبيلهم.
ثم إن للقائم بأمور المسلمين بعد ذلك الأنفال التي كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله قال الله تعالى: " يسئلونك الأنفال قل الأنفال لله وللرسول " فحرفوها وقالوا:
" يسألونك عن الأنفال " (5) وإنما سألوه الأنفال كلها ليأخذوها لأنفسهم، فأجابهم الله تعالى بما تقدم ذكره، والدليل على ذلك قوله تعالى " فاتقوا الله وأصلحوا