ثم اعلم أن هذا الخبر وأمثاله تدل على أن هذه الأمور خلاف طريقة الصابرين، فهي مكروهة، ولا تدل على الحرمة، وأما ذم إقامة النواحة فهو إما محمول على ما إذا اشتملت على تلك الأمور المرجوحة، أو على أنها تنافي الصبر الكامل فلا ينافي ما يدل على الجواز.
قوله عليه السلام: " ووقع " قال البيضاوي: الوقوع والوجوب متقاربان، والمعنى ثبت أجره عند الله ثبوت الامر الواجب، وفي القاموس ذمه ذما ومذمة فهو مذموم وذميم.
43 - مسكن الفؤاد: عن إسحاق بن عمار، عن الصادق عليه السلام قال: يا إسحاق لا تعدن مصيبة أعطيت عليها الصبر، واستوجبت عليها من الله عز وجل الثواب، إنما المصيبة التي تحرم صاحبها أجرها وثوابها إذا لم يصبر عند نزولها.
وفي مناجاة موسى عليه السلام أي رب أي خلقك أحب إليك؟ قال: من إذا أخذت حبيبه سالمني، قال: فأي خلقك أنت عليه ساخط؟ قال: من يستخيرني في الامر فإذا قضيت له سخط قضائي.
وعن جابر بن عبد الله قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله: بيد عبد الرحمن بن عوف فأتى إبراهيم وهو يجود بنفسه، فوضعه في حجره، فقال: يا بني إني لا أملك لك من الله شيئا وذرفت عيناه، فقال له عبد الرحمن: يا رسول الله صلى الله عليه وآله تبكي، أو لم تنه عن البكاء؟ قال إنما نهيت عن النوح عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند نعم: لعب ولهو ومزامير شيطان، وصوت عند مصيبة: خمش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان، إنما هذه رحمة، من لا يرحم لا يرحم، لولا أنه أمر حق، ووعد صدق وسبيل بالله وأن آخرنا سيلحق أولنا لحزنا عليك حزنا أشد من هذا، وإنا بك لمحزونون، تبكي العين، ويدمع القلب، ولا نقول ما يسخط الرب عز وجل.
وفي رواية أخرى: يحزن القلب، وتدمع العين، ولا نقول ما يسخط الرب