على مطلوبهما بل ولا تلتئم مع مقالتهما. (1) فإذا كان هذا قوله في هذا الرجل الذي هو علم التحقيق والتدقيق فكيف لا يشنع على غيره ووجب أن يتمثل بهما بقول الشاعر:
وكم من عائب قولا صحيحا * وآفته من الفهم السقيم وأي شناعة على العالم أكبر من أنه لا يفهم عدم انطباق الدليل على المدعى حتى يستدل بما يدل ولا يلتئم مع المداول. وليت شعري كيف توهم أن الدليل لا يدل ولا يلتئم، فإن كان سببه ذكر الغياب في الرواية فلا يخفى قصوره لأنه قال وتركها وأخربها. فالعلة هي الترك والخراب ولو شوحح بأن الرواية دلت على أن العلة المجموع، والتقي والقاضي زعما أن العلة الخراب مطلقا، أجبنا بوجهين (أحدهما) أنه لا قائل بمدخلية الغياب مع الخراب، فاعتباره خارج عن الأقوال، فخصوصية قيد الغياب ملغى بلا خلاف، وحينئذ فذكره في السؤال وقع للتنبيه على سبب الخراب نظرا إلى الغالب لا أنه شرط. ومثل هذا كثير في الروايات يعلمه من طالعها. (وثانيهما) أن الغيبة هنا محمولة على عدم ملاحظته ومراعاته، فإن مثل ذلك يسمى غيبة، فإن من توجه إلى شئ ببدنه ولم يكن متوجها إليه بقلبه يقال أنه غائب القلب عنه. أقول: وبنحو هذا الخيال الواهي تحيري على مثل هذا الفاضل بأنه يستدل على ما يدل على المطلوب ولا يلتئم مع المقالة، وليس لقائل أن يقل إن العلامة حاك، فالقصور في الاستدلال التقي والقاضي لأنه سلم الدلالة وأجاب عنها بالحمل، ولو لم يكن الدليل دالا كان سوء الفهم منسوبا إليه، وحاشاه بل حاشا هما أيضا منه، فانظر أيها الناظر سمت الحق متجنبا لغيره " ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله إن الذين يضلون عن سبيل الله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " (2).