لا يكون إلا عمن يتصدى لذلك من حيث إمامه في زعمه لأن بعث المصدقين وأخذ ذلك من خواص من يعتقد الإمامة أو نائبه، فيكون ذلك من خواصه قرينة على أن المراد من له شبهة الإمامة، والله الموفق للصواب.
وأما الثالث: أعني رد الخطأ في هذه المسألة فنقول: من علل جواز الابتياع بأن هذا مال لا يملكه الزارع وصاحب الأنعام فقد أخطأ لأنه لا يلزم من عدم ملكه له بتقدير تسليمه بعينه بأخذ الجائر ولهذا حكم العلماء بضمان الزكاة على المأخوذ منه، وبينهما تناف ظاهر، خصوصا أنه قال: لأن هذا مال لا يملكه الزارع وأصحاب الأنعام والأرض فإنه حق الله أخذه غير مستحقه فبرئت ذمته وجاز شراؤه.
وليت شعري ما يجمع بين براءة ذمته وضمانه، وإنما قلنا بتقدير تسليمه لأن المنع متوجه بأن يقال الزرع ملكه والأجرة عليه في ماله فتدبر. ومن قال بعدم جواز منع الزارع ونحوه فقد أخطأ لأنه إذا تمكن وجب عليه المنع لأن المدفوع إليه غير مستحق فيجب منعه لأنه من الأمر بالمعروف ودفعه من المنكر، ومن أطلق جواز الهبة بحيث يشتمل الزكاة فقد أخطأ لأن الزكاة متعينة للصرف في أصنافها فلا يجوز هبتها ولا قبول هبتها، وقد يتوجه المنع في غير الزكاة أيضا لولا أن الجائر له من نصيب وافر فيجوز نظرا إلى شبهة إمامته التصرف فيما يهب منه ولا يرد ذلك في الابتياع، فإن بيع الإمام للزكاة جائز لأن صرف العين غير متعين ولأنه قد يبيع للمصارف المتوقفة على البيع كسبيل الله. وقد يعلم بالتنبيه المذكور أكثر الخطأ الوارد في الباب والله ولي الصواب وإليه المرجع والمناب.
وحيث انتهينا إلى هذا ولم يبق في رسالته المعدة للنقض إلا ما هو حقيق بالإعراض والرفض من التعريض بأهل الإيمان وإظهار الشنيعة لأهل البحث والتبيان، مع كون ما ذكر سابقا ولا حقا لا يكاد يخرج من بين لحيي المحصل فلنقطع الكلام إلا عن ثلاث فوائد: